بين الوعد الإلهي الحق وأضغاث أحلام ممانعية

Photo

المعركة الكبرى قادمة وسنصلي في القدس...طبعا هذا وعد الله ووعد الله حق، وهو وعد الآخرة، أي آخر مواجهة كبرى. ولكن رجاء لا لحماسات زائدة مفرغة وهما للوعد من محتواه بمزايدات سياسوية…

يذكرني هذا القول عندما يخرج من أفواه الساسة، لا من لدن العليم الحكيم، أو من لدن مراكز أبحاث وطنية عربية ملتزمة ورصينة) لم توجد بعد/ وبدون أدنى مقارنة مع الوعد الإلهي( بنبوءة الإنجليين عن نهاية العالم وعودة المسيح إلى الأرض سنة 2076. هل نسي بعض مثقفينا وناشطينا السياسيين أن هذا العالم محكوم بقوانين عمرانية وسنن كونية؟ وهل يجهل هؤلاء أن القدس لم تكن يوما بيد العرب والمسلمين وهم في حالة ضعف وتراجع وفرقة وشتات؟

القدس هي محرار وضع الأمة الحضاري معرفيا وروحيا وعمرانيا وعسكريا وقيميا. هل الأمة العربية الإسلامية الآن في أفضل حالاتها حتى نحلم بخوض "المعركة الكبرى" خلال أشهر أو حتى سنوات قليلة؟ هل هي "حكاية شويه صواريخ تطال تل أبيب وحيفا"؟ أو حتى بعض الاختراقات على الأرض في فلسطين المحتلة؟

يعني هكذا بكل بساطة ستقف أمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، وكل عملائها في المنطقة، وحتى روسيا نفسها، يتفرجون على السيد نصر الله أو السيد علي خامنيي يتقدم أمة المسلمين ليصلي بهم صلاة النصر في القدس؟ ماذا يعني هذا؟

يعني نغلق الجامعات ومراكز الأبحاث والمصانع ونتخلى عن هدف الاكتفاء والأمن الغذائي، ونوقف عمل الفكر والفن والنضال المدني والعلمي والتربوي الفني والتنموي والتكنولوجي ونوقف كل العملية الديمقراطية التي تشق طريقها بكل صعوبة في تونس وفي مناطق أخرى في العالم العربي والإسلامي، ونفسح الطريق أمام "فيلق القدس" والحرس الثوري وشباب حزب الله والجيش العربي السوري والحوثيين لينوبوا كامل الأمة وفي زمن قياسي في إنجاز ما تكابد) بالفعل أو بالقوة( منذ عشرات السنين، لإنجازه في أيام معدودات بقوة صرخات السلاح الناري فقط؟

حقيقة هذا شريط صور متحركة وليس تخطيطا استراتيجيا لمعركة الحضارة ومعركة الإنسانية قاطبة بقيادة عربية وإسلامية لدحر الصهيونية المجرمة في حلف كتلوي تاريخي قادم مع أحرار العالم، دولا وجماعات وأفرادا.

نعم قد تكسب المقاومة العربية مواجهات تكتيكية قادمة مع الكيان الصهيوني، وهذا ما نتمناه وإن قدرنا على دعمه بطريقة ما فسنفعل بإذن الله، ولكن الحديث عن مواجهة كبرى شاملة وحاسمة، فهذه ستكون أولا مواجهة في ساحات الحضارة والعلم والثقافة والفن والديمقراطية والمواطنية والتنمية والقيم والأخلاق والانضباط، انضباط الأمم العظيمة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات