الرسالة الأولى: جدوى التمثيل
نسبة المشاركة الضعيفة وهي أقرب إلى المقاطعة، ورسالتها أنّٰ "التمثيل" استنفذ أغراضه ، ولا مناص من البحث عن بديل هو "التشارك". وينسجم هذا المنحى مع تراجع "الديمقراطيّة التمثيلية" في العالم أمام "الديمقراطيٰة التشاركيّة".
وفِي بلادنا، يبدو أنّٰ عمليّة إنقاذ الديمقراطيّة (منظومةً وممارسةً) لن تتوقّف عند فوز المحسوبين على الجديد في الانتخابات، وإنّما في الخروج من "الديمقراطيّة التمثيليّة" إلى "الديمقراطيًّة التشاركيّة". وتمثّل هذه المهمّة "الخط السياسي " الفعلي للقوى الجديدة أحزابا ومنظمات.
الرسالة الثانية : السياسة أكبر من الأحزاب
انحسار دور الأحزاب، وفوز مستقلّ بالمقعد، والمقاطعة الواسعة: ثلاثة مؤشرات في غاية الأهميّة، لا نراها موقفا من السياسة في حدّ ذاتها وإنّما هي موقف من الأحزاب ولا سيما من أدائها. وهو ما يعني أنّٰ "السياسي" يبحث له بكلّ جديّة عن مجال آخر خارج الانتظام التقليدي المتمثّل في الأحزاب، فلم تعد الأحزاب الإطار الوحيد والقوّة الأنجع لتحقيق التغيير المطلوب فضلا عن كون عدد مهمّ منها كان/أصبح جزءا من بنية الفساد ومن عوامل انتشاره.
لكن هذا لن يلغي الحاجة إلى الأحزاب ودورها في بناء السياسة وتواصل الديمقراطيّة، بقدرما ينبّه إلى أُطر جديدة قادرة على استيعاب "الشبيبة" ومشاركتها الفعالة في صنع المستقبل .
الرسالة الثالثة: توسيع تجربة أمل
هي فكرة انبثقت، قبل انتخابات ألمانيا، ونتيجة لقراءة في المشهد السياسي والساحة الحزبيّة والبرلمانيّة، ولتشاور بين عدد من النشطاء والجامعيين والكوادر والخبراء المستقلّين، وأساسها الاشتغال على كتلة نيابيّة نوعية متعددة الاختصاص في الانتخابات البرلمانية القادمة ( 2019)، تكون بالعمل على مرشّح في كلّ ولاية على الأقل.
تشتغل الكتلة وفق خطّة مضبوطة وعلى أهداف محدّدة داخل البرلمان، وتكون التجربة وروافدها محتوى قد يستدعي شكله التنظيمي المناسب، إن دعت الحاجة إلى هذا الشكل، والتجربة حلقة من سلسلة. وقد كان الصديق نور الدين العلوي أشار إلى جانب من الفكرة في تدوينته الأخيرة. ومن المهمّ طرحها لإثرائها وإنضاجها.
كشفت انتخابات ألمانيا عن أمرين مهمّين:
الأوّل: الأهميّة القصوى لما توفّر من شروط النزاهة والشفافيَة واحترام الاختيار الحر. وضرورة أن تدور الاستحقاقات الانتخابية القادمة في الشروط نفسها. وأنّ ترسيخ هذا التقليد يمثّل أهمّ ضمانة لاستمرار التجربة رغم تعثّٰرها وكلّ ما يتهدّدها.
الثاني: أنّ نجاح مرشح مستقل بوسائل ذاتية محدودة وأداء جيّد في مواجهة ماكينات حزبية ضخمة مع نسبة مشاركة كارثيّة ونتائج هزيلة للأحزاب يدلّل بقوّة على أنّ البديل لن يكون من هذا المشهد السياسي والحزبي الموسوم بالعجز حكما ومعارضة.
بعض الأحزاب المشاركة كان عليها أن تحلّ نفسها أو أن تكفّ، على الأقلّ، عن الثرثرة ، لذلك دعوة ملحة للأحزاب جميعا، ولا سيّما الجرحى منها: بجاه ربّي اتركوا ياسين في حاله( لا تسبّوه ولا تساندوه: خلوه خارج عركتكم(، ودعوا كلٓ قياس بين ما حدث في ألمانيا وما سيكون من نتائج الاستحقاقات الانتخابيّة القادمة، وحاولوا الاستفادة من هذه اللحظة بمراجعات جادّة، قبل فوات الأوان، رغم ما يقوم من أدلّة على أنّٰ الأزمة أزمة جيل وطبقة سياسية منتهية الصلوحيّة، وأنّ ياسين تعبير عن جيل جديد يشير بجديّٰة إلى أنّٰه قادر على أن يُحدث التجاوز.