هذا ما أعاده الرئيس لإمرأة تشتكي لرئيس الدولة سجن أبنائها ظلما. لن نلوم الأم على إعتقادها طبعا و لكن الأمر يحتاج إلى تمحيص أكثر.
جواب الرئيس أنه لا يتدخل في القضاء ينفي ضمنيا أن يكون القضاء مخطئا فهو ينزهه من ذلك و لا يتدخل فيه كسلطة تنفيذية و هذا مفهوم مبدئيا، لأن القضاء لا يمكن أن يكون مخطئا في تصوره و تصور العديد من أنصاره.
و لكن لو كان القضاء مخطئا، لمن ستشتكي تلك المرأة لو لم يستمع إليها رئيس كل السلط في البلاد ؟ لمن سيلجأ المظلومون في القضاء ؟ هل هناك سلطة أو إدارة يمكن أن تنصف مواطنا ظلمه القضاء ؟ هذا لم يدر في خلد رئيس الدولة لأنه كان يفكر في صورته الشخصية مستبطنا الإنتقادات الموجهة له لإستعماله القضاء كوسيلة لمحاربة منتقديه و معارضيه. هو لم يجب المرأة اليائسة و لكنه أجاب مجتمع معارضيه.
هل القضاء منزه عن الخطأ ؟ بالطبع لا. و لكن وضعنا اليوم كمواطنين أننا غير محصنين ضد أخطاء القضاء المقصودة و غير المقصودة .. ووضع تلك الأم غير فريد و لو كلف الرئيس نفسه عناء البحث فإنه سيجد مئات القضايا التي تحتاج منه أن ينظر لوضع القضاء.
و أنا لا أتكلم على التوظيف السياسي للقضاء فهذا موضوع سياسي و توظيف القضاء فيه حقيقة لا لبس فيها و لكني أتكلم على القضاء العادي للمواطنين العاديين و للمؤسسات الإقتصادية العادية ... وضع القضاء اليوم غير مرضي على كل الأصعدة و لكن رئيس الدولة (و هو رجل قانون فيما مضى) لا يريد أن ينظر للقضاء كما هو في الواقع المعاش بالرغم من توفر المعطيات و المعلومات الدقيقة لو أراد ذلك.
لم تجد تلك المرأة اليائسة من يستمع إليها بالرغم من إحتمال أن تكون على حق و هي توجهت لرئيس الدولة لأنها تدرك كجل التونسيين أن القضاء وظيفة لدى رئيس الدولة و هي في ذلك لا تختلف مع ما أقرّه دستور 2022.