في 2023 تداولت وكالات الاخبار، خبرا طريفا نقلته عن صحيفة (The Times) البريطانية.. ومفاد الخبر أن سيرلانكا الدولة-الجزيرة تخطط لإرسال 100 ألف قرد من فصيلة المكاك (فصيلة لا توجد الا في سيرلانكا) إلى الصين في صفقة لسداد بعض ديونها البالغة 7 مليار دولار..
وكانت الصين قد طلبت تزويدها بالقرود النادرة حتى تضعها في حدائقها العمومية- النشطاء المدافعين عن الحيوانات يقولون ان الهدف هو استغلال تلك القرود في المختبرات العلمية الصينية ذات التجارب المشبوهة -و بصرف النظر عن الهدف من "صفقة القرود" تلك الا ان ما يهم هو ان سيرلانكا اصبحت في كل العالم نموذج سيء لتدخل الصين في اقتصاديات الدول الفقيرة والهشة.. وهذا التدخل انتهى في دولة مثل سيرلانكا الى افلاس واضطرابات شعبية واطاحة بالنظام او بالعائلة التي حكمت الجزيرة- الدولة لعقود وعقود !
الصين عكس ما يعتقده بعض السذّج ليست "جمعية خيرية" وليست ملاكا بجناحين، بل هي أحيانا اسوأ من القوى التي توصم بالامبريالية في العالم، فلم تحشر انفها في اي اقتصاد وطني الا وتركته رمادا واخر واقرب التجارب، نجد الاقتصاد المصري، مؤشرات مفزعة للمديونية والبطالة والفقر!
وكما حدث في سيلانكا عندما اغرقتها الصين في المديونية وفي مشاربع تبدو عملاقة لكن دون جدوى واقعية يحدث ذلك في دول كثيرة وضعت الصين يدها عليها.
الكثير من حكّام دول العالم الثالث يفضلون التعامل مع الصين لأنها كنظام شمولي لا تهتم بطبيعة النظام السياسي القائم في تلك الدول ، بينما يطلب البنك الدولي وبقية المؤسسات المالية المانحة توفير مناخ من الحرية واحترام حقوق الإنسان والشفافية وسيادة القانون ومكافحة الفساد لأن هذه هي الوصفة التي تفتح الباب أمام القطّاع الخاص للاستثمار..
بينما الصين تشتغل بأسلوب مختلف، تموّل المشاريع العمومية التي قد تنفخ في صورة الانظمة امام شعوبها ومن هناك تتسلّل لتضع يدها على مقدّرات تلك الشعوب.
ضمن نفس السياسة قدّمت الصين عروضا لسريلانكا لبناء مركز مؤتمرات كان من النادر استخدامه ولإنشاء مطار لم يغطّي دخله فاتورة استهلاكه للكهرباء، وكذلك لشق طريق بحري وبناء ميناء وجسور ومشاريع عقارية لا تدرّ دخلا.. في حين كان اقتصاد سيرلانكا يحتاج إلى مشاريع استثمارية عملاقة بطاقة تشغيلية كبيرة وعائدات سريعة ومضمونة.. ولأجل ذلك تدخلات الصين في سيرلانكا يصفها خبراء الاقتصاد عبر العالم ب" إستراتيجية فخّ الديون".. التي انتهت بإفلاس سريلانكا!!!!
ما تفعله الصين باختصار في العالم هو دعم الأنظمة السلطوية خاصة التي تعاني من أزمات مالية ثم تستولي على كل شيء تجده.. هكذا بكل بساطة.