عندما ينتحر احدهم يجب أن نشعر فقط بالعار، بالخجل من أنفسنا، علينا أن نتألم بعمق...يجب أن تتألم إنسانيتنا من أجل تلك الروح المعذبة التي بحثت عن إنهاء مأساتها الذاتية بمأساة أكبر.. مأساة مروّعة.. مخيفة ..
تخيّل فقط أن احدهم احترق من الداخل حتى لم يبق من خيار أمامه إلا أن يشعل النار في جسده لتهدأ الحرائق في داخله!!
تخيل ذلك الشخص بماذا كان يفكّر وهو يتقدم باتجاه الموت بتلك الطريقة البشعة.. أي وضع وأي محنة وأي ألم دفعه ليختار إخماده بألم أكبر…
أتعلم معنى أن تقرّر في لحظة أن تتخلى عن هذه الحياة .. يعني انك لم تعد تتحمّل عذابك.. يعني أن قدمك لم تعد قادرة على رفعك بعد أن تحوّلت الى كتلة حزن ثقيلة جدا ..
من ينتحر حرقا يريد أن يجعل من مشهدية موته المروّع رسالة أخيرة لهذا العالم الذي ظلمه وسحق أحلامه ودمّر طموحاته…يريد من هذا العالم الذي ظلمه ورفضه أن يشاهد جريمته فيه.. يريد أن يعذّب ضميرنا بموته كما عذّبناه في حياته عندما لم ننتبه كمجتمع لآلامه.
كل واحد منّا عاش لحظة ألمه.. ذلك الألم الذي يخترقك من الداخل يجعلك ممتلئا بالقهر، بالإحساس بالظلم، الخذلان، الخيبة.. كل تلك المشاعر السلبية عندما تلتهمك دون رحمة تفقدك القدرة على الاحتمال..
وفي لحظة الألم تلك الكثير من البشر تمرّ بذهنهم فكرة الموت.. التخلّي عن كل هذه الحياة والمغادرة مدفوعين بفراغ هائل يفتك بنا .. تلك الفكرة يمكن أن تكون عابرة اذا وجد صاحبها من يحتضن جرحه.. من يحتوي ألمه وقلقه.. لكن ماذا يفعل من لا يجد يد تمتد اليه في محنته.. أين يذهب بنفسه.. نحن لا نريد الموت حتى في أسوأ اللحظات.. نتمسك بالحياة ونقاوم الى أخر نفس.. لكن تأكدوا انهَم تألّموا أكثر من طاقة احتمالهم بكثير.. فاختاروا الموت ليرتاحوا !