ردود الفعل الفايسبوكية الإيجابية على وفاة كلّ من الدكتور هشام جعيط و المناضل مالك الصغيري -المتموقعين قريبا من 'الوسط ' و'يسار الوسط ' الفكري والسياسي و المنفتحين و غير الإقصائيين - من اناس كثر ينتمون الى كل التيارات السياسية التونسية تدلّ على اننا نحب المعرفة والنضال والاستقامة والتضحية ، و لكن ممارساتنا مع بعضنا قبل وبعد الوفاة تدل على عكس ذلك في مفارقة فاقعة تنتبه اليها كلّ عين سويّة .
هنالك احتمالان اذن ...وبالامكان المزج بينهما طبعا :
1- نحن سفلة ومنافقون وجبناء نمدح خصالا حميدة عند الموتى فحسب من باب الاستثمار فيهم وفي كلّ من الرّياء الدنيوي و الاخروي ونستحق بذلك ان تحكمنا نخبة ''المساومة السياسية '' و المالية والدولية.
2- نحن مسالمون وطيبون وحنونون وحالمون ونعبّر أثناء الموت عن معدننا الحقيقي ولكننا عاجزون عن انجاب نخبة فكرية وسياسية ونقابية قادرة على الاستثمار في مشاعرنا الانسانية والوطنية لإجبار قادتنا على تحقيق " تسوية تاريخية ".
دون ثنائية مانوية ،ربّما، و من باب المراهنة على حسن النية في ردود الافعال عند الشدائد عندما تكون عابرة للحساسيات وعمومية ، اميل عاطفيّا إلى تصديق الاحتمال الثاني الذي يعبر اكثر عن معدن اي شعب والجمهور العام لنخبه الوطنية ، ولكنني لذاك يقتلني الغضب من نخبة يحكمها المجرمون من الاموات والأحياء /الأموات و تستثمر في أجمل ما في شعبها و لا تثمن رموزها الجامعة إلا بعد موتها ولا تبادر إلى مد الجسور بين خيرة ابناء عائلاتها السياسية لإنقاذ البلاد في حين أن السياسة هي اساسا فنّ قيادة الأحياء و تحضير الخطط للأجيال المستقبلية.
انقذونا يا أصحاب الدّراسات النّفسية - الاجتماعية ويا نخب تونس الوطنية الحقيقية ، واعفونا من التعليقات السّهلة يا مختصيي 'علم النفس الفايسبوكي' من كلّ من أصحاب الميول الوردية وأصحاب الميول السوداوية.
وتحرّكوا يا أصحاب الضمائر الحيّة من صفوف المثقفين والمناضلين السياسيين والنقابيين من العائلات السياسية الوطنية ولا تستسلموا للمجانين من متقدّمي الصفوف الحاليّة ، فموت هشام جعيط ومالك الصغيري يجب أن يكون فرصة درس تاريخية لاجتراح مقاربة جديدة تحوّل خسارتهما الشخصية إلى مكاسب وطنية.