لماذا وكيف يجب أن تكون تونس مع أطبّائها وصيدلييها وممرّضيها ضد فيروس كورونا الآن؟ الأطبّاء والصيادلة والممرّضون هم جيش الشعب الأبيض في معركته ضد الوباء الحالي. والجيوش لا تنتصر في الحروب الا إذا كانت محميّة الظّهر من قبل دولها وشعوبها التي تمثل الصفوف الخلفية.
لو كانت عندنا دولة تحترم نفسها لكنّا قد أنهينا، من بين أشياء أخرى، خطة ذات أولوية خاصّة بحماية الاطبّاء والصيادلة والممرّضين استعدادا للموجة الثانية التي كان الجميع يتوقعها منذ البداية وأصبح شبه متأكّد منها بعد فتح الحدود صيفا وعند العودة الخريفية الى العمل و الدراسة ولكن... حصل ما حصل.
المهمّ الآن وقبل أن يفوت الأوان أن تقوم الدولة والشعب بما يلي:
1- على الدّولة أن تقوم برصد ميزانيات اضافية لوزارة الصحّة بما يضمن توفر التجهيزات الضرورية للأطبّاء و الصيادلة و الممرّضين وفق المقاييس الصحية العالمية لمقاومة الأوبئة ولو كان ذلك بالاقتطاع من ميزانيات وزارات أخرى.
2- على الدولة تسخير بعض النزل و الاقامات في كل ولاية ومعتمدية لصالح الأطبّاء الصيادلة و الممرّضين متى كان ذلك ضروريا حتى تقع حمايتهم و حماية عائلاتهم وأحيائهم من العدوى التي هي بصدد الانتشار حتى داخل المؤسسات الصحية.
3-عليها تسخير المصحات الخاصّة لتقوم بنفس الخدمات التي تقوم بها المستشفيات العمومية - في ما يخصّ مواجهة الوباء دون غيره الآن- و بناء عليه توفير الضمانات الصحية للعاملين في تلك المصحات في مواجهة الوباء بنفس الطريقة كما في المستشفيات العمومية حتى لا يبقى الاطار الصحي هناك رهين سياسة الربح عند مالكيه.
4-على الدولة والمجتمع المدني عموما التنسيق للإحاطة بعائلات الأطباء و الصيادلة والممرضين معنويّا لتشجيع الاطار الصحّي على العمل الذي اضافة الى مخاطره الاستثنائية نوعيا فانّه سيعرف تضاعفا في حيزه الزمني و ضغطه البدني و النفسي على أن يتمّ ذلك بشكل منظّم من قبل السلط و الجمعيات المحلية بالتنسيق مع نقابات وعمادات الاطار الصحّي.
5-على الجميع ،اضافة الى احترام بروتوكول الوقاية حماية للنفس وللآخرين، الانخراط المنظم في فرض ذلك الاحترام بما في ذلك بالتطوع في المساعدة على احترام الاجراءات أمام المستشفيات و المصحّات ولكن تحت اشراف سلط صحية و/أو جمعيات صحيّة تعرف ما تفعل و بالتنسيق مع المؤسسات الصحية المعنية نفسها.
6- على وسائل الاعلام الآن أكثر من أي وقت مضى العناية بالدور الخاصّ للأطبّاء و الصيادلة والممرّضين وتخصيص مساحات بث خاصة بهم تثمينا لجهودهم وجهود عائلاتهم بروح ايجابية تساهم في رفع معنوياتهم الضرورية لعملهم و في اسنادهم من قبل المواطنين.
7- على كل واحد منّا في الدّاخل و الخارج و محيطه الخاصّ الواقعي والافتراضي وبشكل مادّي ومعنوي أن يساهم قدر الامكان ولكن بشكل منظّم في اسناد هذا القطاع الذي يعرف بطبيعته صعوبات كثيرة في ظل تراجع قطاع الصحة في السنوات الأخيرة وسيعرف أخرى استثنائية في المرحلة القادمة.
"كلّنا أطبّاء وصيادلة وممرّضون" يمكن أن يكون شعار برنامج جماعي منظّم يجمع في شكل حملة عامّة بين الرسمي و الحزبي و الجمعياتي والفردي بالتنسيق المنظم مع نقابات وعمادات الاطار الصحي ويساهم في اسناد الاطار الصحي التونسي الآن كل حسب قدرته : من اتخاذ القرارات الملائمة رسميا الى رفع المطالب السياسية الصحية حزبيا الى المشاركة النقابية والجمعياتية المنظمة في المجهود العمومي الى التبرّع الفردي المالي للمؤسسات الصحية و الاسناد المعنوي للعاملين فيها ولو بتنظيم اهداء باقات الورد و بطاقات البريد لأفراد عائلاتهم.
بهذه الروحية والمسلكية فقط يمكن أن نصمد وننجح رغم نقص الامكانيات المادّية وانخرام الثقافة الصحيّة لأنّنا سنكون سندا قويّا للإطار الصحي العمومي الذي نعرف جميعا أنه ليست المعارف والمهارات الطبية ولا المشاعر الانسانية هي التي تعوزه بل، بالأساس، سوء 'العقل الصحّي الرسمي' ولكن أيضا، وجزئيّا، 'فوضى الحواس' الصحّية الشعبية.
لا تقتصدوا في أي جهد يمكنكم بذله للمساعدة فالوضع قد يصبح خطيرا جدّا. ولا تنسوا مشاهد ايطاليا واسبانيا وفرنسا منذ أشهر وعينكم على الأرقام في الولايات المتحدة والبرازيل رغم تفوق نظامهم الصحي علينا. وقيسوا دائما على القول بأن " خفقة جناح فراشة واحدة يمكنها أن تساهم في توازن النظام البيئي للعالم كلّه" وطبّقوه على النظام الصحّي للمجتمع. وكونوا جميعا بخير ما أمكن.