حافظوا على شقف اجسادكم وشقف دولتكم وشقف مجتمعكم فالقادم في العالم قد يكون خطيرا جدّا، جدّا، جدّا ليس فقط بسبب الوباء في حد ذاته - وهو خطير فلا تستهينوا به - بل كذلك -وأساسا - بسبب نتائجه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العالمية التي قد تكون نتائجها على تونس خطيرة جدا بسبب هشاشة الاقتصاد والدولة فيها تحديدا.
إذا كانت هنالك إمكانية لعقد لقاء حوار وطني عاجل يضم السلط الثلاث (بحضور خاص للجيش والأمن ان لزم الأمر) والأحزاب والمنظمات الوطنية الكبرى فليعقد سريعا ولينظر في مسالة كيفية اتخاذ إجراءات أخرى أكثر استثنائية لتوفير الدواء والغذاء فورا وضمان المحافظة على تماسك المجتمع والدولة ديمقراطيا عبر خطة قابلة للتطبيق على الاقصى بعد ثلاثة أشهر وجوبا.
هنالك نقطة يجب التفكير فيها من الآن: تكوين لجان شعبية توافقية غير سياسية وذات هدف تضامني اجتماعي في الاحياء والقرى تقودها شخصيات اعتبارية محلية وازنة ويساعدها الشباب تنتشر في كل الولايات وتعمل بالتنسيق مع الجيش والأمن.
ويجب التفكير في مهمتين اساسيتين:
١- لعب دور الحكماء من قبل الشخصيات الاعتبارية للوقاية من النزاعات المحتملة بين المواطنين في الاحياء والقرى حتى لا تتحول الى نزاعات تتطلب تدخلا امنيا و
-٢- تولي الشباب مهمة المساعدة خاصة في توزيع الغذاء تحت إشراف السلط مع ضمان حمايتهم (شيبا وشبابا) صحيا وامنيا ودعمهم بوسائل النقل المدنية (الطوعية) لتخفيف الضغط على ميزانية الدولة قدر الإمكان.
هنالك هشاشة هيكلية كبيرة في الاقتصاد التونسي سوف تتعمق بضرب الموسم السياحي بعد تعطل كبير في الإنتاج الصناعي وتراجع القطاع التجاري واحتمال إلا يسمح الوباء للناس اصلا حتى بإنقاذ الموسم الزراعي وخاصة موسم الحصاد في قطاع الحبوب تحديدا.
وهنالك هشاشة اجتماعية وأخرى أمنية ترتبطان باستفحال الفقر من ناحية والجريمة من ناحية ثانية وباستنزاف الطاقات العسكرية والأمنية منذ ٢٠١١ بسبب المخاطر الإرهابية التي لا تزال قائمة هي الأخرى.
وإذا تواصلت الأزمة العالمية الحالية هكذا، وكل بلد لا يكاد يجد الحلول حتى لنفسه، فإن التعويل على التضامن الدولي - حتى عبر الاقراض- سيكون فاشلا. ولا حل لحماية المجتمع والدولة ديمقراطيا إلا بتشريك التونسيين بطرق تضامنية في حماية بعضهم ومجتمعهم ودولتهم والا فإن احتمال 'اتساع الخرق على الراتق' قد يكون حقيقة كارثية شديدة الاحتمال وسيكون الانفجار انسحاقيا وليس انفراجيا بحيث لن يقدر أحد على التحكم فيه سياسيا مهما كانت قوته مما قد يفتح أبواب جهنم -الداخلية والخارجية - على البلاد.
اعتقد اننا في مرحلة تاريخية قد تصبح بعد أشهر صعبة جدا وقد يعرف فيها البلد من الضعف والفوضى ما لم يعرفه قطّ في تاريخه الحديث ويجب الاحتياط والبدء في الوقاية ديمقراطيا وتضامنيا منذ الان من قبل الجميع والا، باستثناء أشنع اصناف المجرمين دون سواهم، فسيخسر الجميع على الأرجح ايا كانت انتماءاتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية والجهوية وسوف يكون العلاج بعد ذلك مكلفا جدا.
كل المؤشرات الوبائية والاقتصادية والجيو-سياسية الدولية خطيرة جدا لم يعرف لها مثيل منذ ازمة ١٩٢٩ والحرب العالمية الثانية وذلك حتى في أقوى دول العالم التي تقرصن الأدوية التي كانت موجهة الى اوفى حلفائها والى أقرب جيرانها.
وعليه فمن الأسلم الان ودون تأجيل - ولكن دون جزع ما أمكن- توقع الأسوأ والاحتياط له بالتعويل على الشعب وشبابه ونخبه الوطنية عوض التعويل على تفاؤل لا مؤشرات تدل عليه لا زمنيا ولا دوليا من هنا إلى نهاية السنة تقريبا على الأقل من حيث التداعيات الصحية والاقتصادية.
الى تونس بعقولكم الان. حافظوا على انفسكم وعلى تونس!