تقرأ في جريدة وليّ العهد السعودي مقالةً لكاتب لبناني يُعدِّد فيها سفراء منظّمة التحرير الذين قُتلوا على يد منظمة «فتح ــ المجلس الثوري» (أليس مضحكاً أنه لا يزال هناك عند حركة «فتح» مجلساً ثورياً؟ خلط «فتح» مع الثورة مثل خلط النظام السعودي مع حريّة الصحافة).
ويرى الكاتب أنّ قتل هؤلاء منع «حلّ» القضيّة الفلسطينيّة. كانت المفاوضات بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين على وشك التوصّل إلى حلّ سحري للقضيّة الفلسطينيّة، إلى أن أتى أبو نضال وخرّبَ جوّ السلام.
كيف نقبل بهذا؟ طبعاً، يورد الكاتب ثلاثة أنظمة معادية للنظام السعودي لأنها فعلت ما فعلته بآمال السلام مع إسرائيل. ينسى الكاتب أنّ المفاوضات لم تتوقّف بين مندوبي المنظمة والإسرائيليّين وأنّها اتخذت أشكالاً مختلفة، سرّاً وعلناً.
استمرّت المفاوضات لعقود، وقدّم فيها الجانب الفلسطيني التنازلات تلو التنازلات. وهذه المفاوضات وصلت إلى خاتمة أوسلو السعيدة التي حقّقت بالفعل الحلّ المعجزة للقضيّة الفلسطينيّة. إذ أنتجت سلطة فلسطينيّة يستطيع أقطابها المرور بسرعة على حواجز جيش الاحتلال وفقاً لإشارات «شخصيّات مهمّة»، وهذه من ثمار الدولة المنشودة.
كما أنّ محمود عبّاس يوزّع ميداليات وأوسمة ولديه حرس رئاسي صاخب، وهذه أيضاً من علامات الدولة (أو الساعة).
لقد قتل النظام العراقي أبو نضال وأصبحت الساحة خالية للغوص في مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين. وأصبح المفاوضون ينادون بعضهم بأسمائهم الأولى ويتمازحون في ما بينهم. لا لعودة أبو نضال الذي نغّصَ على المفاوضين فرحتهم.
لا يحمّل ليبراليّو الأمراء والشيوخ إسرائيل المسؤوليّة عن عدم تحقيق «السلام » .هناك منهم من لا يعير اهتماماً لتصويت الكنيست الأخير الحاسم ضد دولة فلسطينيّة، وإسحاق رابين رفض الدولة الفلسطينيّة ورفض أن يتلفّظ بالعبارة.
هل نحتاج إلى مزيد من المفاوضات مع إسرائيل فيما هي لم تعد كما كانت في زمن «حزب العمل» مبهمة ومُخادعة في أهدافها، بل أصبحت صريحة وصادقة في ما تريد؟
إسرائيل تقول إنها ترفض الدولة الفلسطينيّة ودعاة الأمراء والشيوخ يصرّون: لا نقبل بأقل من تعايش بين دولتك الموقّرة وبين دويلة فلسطينيّة مفكّكة الأوصال. لا نقبل بأقلّ من ذلك.