الجامعة العربيّة، وبمشاركة كلِّ الدول العربيّة التي وافقت على البيان الختامي الأخير، شريكة في الحرب الإسرائيليّة على الشعبين الفلسطيني واللّبناني. إنّ الحديث، فجأة، عن ضرورة دعم السلطة الفلسطينيّة ليس إلّا تكريساً للفهم الأميركي الصهيوني للاستفادة من «فرصة» حرب الإبادة على غزّة (كلُّ من يستعمل مصطلح «فرصة» في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي إنّما يكون مُشاركاً في محاولة تبرير عدوان إسرائيل وإبادتها، وفي لبنان استعمَل المصطلح كلٌّ من نجيب ميقاتي ومارك ضو ووضّاح الصّادق وبولا يعقوبيان وسامي الجميّل وسائر الفريق الانعزالي التقليدي والمُتجدِّد).
توماس فريدمان، الوثيق الصِّلة باللّوبي الإسرائيلي، كتب منذ بداية العدوان عن «إصلاح ودعم» السلطة الفلسطينيّة. المشكلة في المشروع هذا أنْ ليس هناك من توافق على طبيعة ترجمة الدعم الصهيوني للسلطة.
والنظامان الإماراتي والسعودي يختلفان في فلسطين كما في السودان. الإمارات تدعم محمد دحلان كبديل عن محمود عبّاس الذي يعمل على تنصيب حسين الشيخ خليفةً له. النظام السعودي يموِّل محمود عبّاس (وسائر أفراد عائلته) لكنّه يعمل على تنصيب ناصر القدوة خليفةً لعبّاس.
والأخير، مَثله كمَثل سهى عرفات، يتحدّث عن تسميم عرفات يوماً وينسى القضيّة سنوات، ربّما لأنّ هناك ما يضمن سكوته، مثلما ضمِن محمود عبّاس سكوت سهى عرفات.
ناصر القدوة يعدّ العدّة مع إيهود أولمرت من أجل الحصول على مقبوليّة إسرائيليّة (يمكن لأميركا أن تقبل كلّاً من القدوة أو دحلان). الإعلام السعودي يُبرِز القدوة كثيراً هذه الأيّام، والأخير، طبعاً، يُثني دوماً على الدور السعودي.
ورئيس الحكومة الفلسطينيّة، محمد مصطفى، يحاول أن يحظى بدعم سعودي هو الآخر، وهو قال أخيراً لجريدة «الشرق الأوسط» إنّ القِمّة العربيّة الأخيرة من أفضل القِمم في التاريخ، ووصف اللّجنة الخاصّة التي تشكّلت لوقف الحرب في غزّة بأنّها «أنجح لجنة في تاريخ القمم العربيّة والإسلاميّة» (ما معيار نجاحها، يا ترى؟ إلّا إذا كان مصطفى يقيس النجاح بالألفاظ وليس بالأفعال).
إسرائيل تبحث مع حلفائها العرب في شأن تدبير حِفظ أمن إسرائيل عبر سلطة عميلة في غزّة، والسعوديّة والإمارات تسعيان بجهد إلى توفير عملاء لإسرائيل.