كانَ محمود عبّاس يشغلُ منصب مستشار عرفات للشؤون الإسرائيليّة. عبّاس لم يدرسْ إسرائيل لكنّه كتب أطروحة بائسة عن الصهيونية، وفي كتابه عن أوسلو يخلطُ بين إسرائيل زنجويل وبين ثيودور هرتزل.
كان عبّاس ينظّر أن الكفاح المسلّح بلا جدوى لأنّ إسرائيل ستسقط من الداخل. عبّاس على حقّ ومظاهر الصراع الداخلي (يمين ويمين متطرّف، علماني وديني، شرقي وغربي، إلخ) تتفاعل، وآخرها كان في قاعدة عسكريّة حيث يعاني آلاف المساجين السياسيّين الفلسطينيّين من ظروف اعتقال وحشيّة ونازيّة.
أمس، زاد الشقاقُ بين الإسرائيليّين وأصبح هناك صراع حول الاغتصاب: مَن يطالب به وسيلةً للتعامل مع المساجين العرب ومَن يعارضه. الاغتصاب: معه أو ضدّه، أصبحَ عامل شقاق في هذا المجتمع المريض والمنحطّ.
الدولة التي أعلنت عند التأسيس أنها «نورٌ» على الأمم، أصبحت اغتصاباً على الأمم. صورة إسرائيل لم تكن يوماً متناسبة مع حقيقتها: أنفق الصهاينة الملايين لإبراز صورة متخيّلة ومزيّفة عن إسرائيل كي تغطّي على الطبيعة العنصريّة والإباديّة للدولة العنصريّة.
هذه الصورة تبدّدت في حرب غزة. أرى في الغرب شباباً غاضباً لأنه لم يكن يعلم عن هذه الدولة العنصريّة الوحشيّة. يتناقشون في إسرائيل بكل صراحة وشفافية في الاغتصاب. جريدة «نيويورك تايمز» تحدّثت عن دلائل على اغتصاب للمساجين، فأوردت أنّ الخبراء وجدوا دليل تعذيب في شرج أحد المساجين: كيف تتحدّث عن الاغتصاب من دون استعمال كلمة اغتصاب.
دولة العدو بثّت حول العالم أكاذيب وأضاليل حول يوم 7 أكتوبر: اختلقوا قصصَ اغتصاب وقطع رؤوس أطفال وحرق في أفران. الآن، انفضح الاغتصاب الموثّق في سجون العدوّ. اختطفت إسرائيل أكثر من 4 آلاف مواطن بعد 7 أكتوبر، وأذاقتهم شتّى صنوف التعذيب.
الليبراليّون العرب والتطبيعيّون يدعوننا يوميّاً إلى التمثّل بديموقراطيّة إسرائيل. يريدوننا أن نتمثل بدولة تتناقش مدنيّاً في الاغتصاب ومنافعه للأمن القومي.
لن تستطيع أموال الحركة الصهيونيّة أن تمحو (للمرّة الأولى منذ التأسيس) ما لحقَ بإسرائيل من صفات تستحقّها. ستحاولُ الدول الخليجيّة أن تساعد في تحسين صورة إسرائيل (كما تفعل «العربيّة» و«سكاي نيوز») لكن لا أملَ.