المناظرة بين بايدن وترامب انتهت بالضربة القاضية. الإعلام الليبرالي كان يُحضِّرُ لها منذ أشهر، وكانت «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» تنشر مقالات طوال تزعم فيها أنّ كل المقرّبين من بايدن يجزمون بأنّ قواه العقليّة سليمة، وأنّه في حالة صحية ممتازة، يناقشُ المستشارين في كل الأمور والمواضيع بنباهة فائقة.
لكنّ «الحكي مش مثل الشُوف» على قول المثل الشعبي. افتضح الأمر الذي كان بادياً للعيان. والإعلام الليبرالي طلع بكذبة أنّ ما يعانيه بايدن ليس إلا التأتأة وأي تسليط ضوء على تعثّره في الكلام والحوار، هو تنمّر على الضعفاء.
لا، بايدن عانى من التأتأة وهو طفل وشُفي منها (وأنا عانيتُ منها طفلاً وشفيتُ). بايدن ليس في حال تُمكّنه من خوض انتخابات أو الحكم. هناك فريق استشاري يحيط به، يتولّى شأن الحكم. لكن غير صحيح بأنّ هذا الفريق هو الذي يقود التوجّه الصهيوني في الإدارة.
بايدن كان منذ بداية عضويّته في مجلس الشيوخ صهيونيّاً متطرّفاً. ترامب، خلافاً لتوقّعات الليبراليّين، بدا في حالة صحيّة ممتازة مليئاً بالطاقة وكان أكثر جديّة من مناظراته السابقة. ولا يزال متقدماً في الاستطلاعات، وخصوصاً في الولايات الحاسمة.
سيضطرّ بايدن إلى الانكفاء لأنه سيتعرّض إلى ضغوط هائلة من المتنفّذين، وكل جمهور الحزب في حالة جزع بعد المناظرة. نقل أفلاطون عن سقراط في «الجمهوريّة» أنّ الناس سيتنافسون كي لا يخدموا في الشأن العام (في المدينة الفاضلة) لأن الدوافع تكون خالية من الأنانيّة وتتطلّب تضحية وتفانياً.
نوعيّة المرشحين للرئاسة ـــ بصرف النظر عن السياسة ــــ في انحدار مستمرّ منذ ظاهرة ريغان، لأن مواصفات المرشّح باتت تعتمد أقلّ على الكفاءة وأكثر على تبنّي أهواء جمهور الحزب الصلبة. في الحزب الجمهوري، يريدون المتطرّفين المعتوهين، وفي الحزب الديموقراطي يريدون موالين لرأس المال الذين يريدون توجيه الحزب نحو الوسط (بدأ هذا في ظاهرة كلينتون).