عندما يُكتَب تاريخ هذه الحرب، سيجري الحديث عن دور الحرب النفسيّة الإسرائيليّة التي شاركت فيها وسائل إعلام خليجيّة ولبنانيّة. كان المُراد أن يخاف الحزب ويرتدع ويكتفي بمشاهدة حرب الإبادة في غزة من دون رفّة جفن. أخطأ هؤلاء الحسبان. بات الحزب يُخيف ولا يخاف، يردع أكثر ممّا يرتدع. لا هو يريد الحرب ولا يريد خصومه الحرب.
لا، خصوم الحزب في لبنان يريدون هزيمة الحزب في لبنان: هؤلاء يمنّون النفس بتدخّل أميركي وإسرائيلي للقضاء المبرم على الحزب. يوم تحرّكت أساطيل أميركا بعد 7 أكتوبر، لم يخفِ الكثير من اللبنانيّين الانعزاليّين والثوار والتغييريّين فرحتهم. كلّها مسألة أيام. الحزب يلفظ أنفاسه.
والمحلّل الإستراتيجي أشرف ريفي (الذي تعلّم الاختصاص العسكري في ساحة الحرب في القادسيّة وجنوب لبنان وحرب العلمَين )أفتى في عام 2015 أن الحزب انتهى إلى غير رجعة، وعاد وكرّر النبوءة قبل أسبوع.
وسط تنافس بين المحطات الأجيرة الخليجيّة والغربيّة: مَن يُهوِّل أكثر في حمأة الحرب. لو أن لبنان دولة، أو لو أن المقاومة تفرض هيبتها على الساحة الداخليّة بالقوّة، لكانت أصوات الصهيونيّة المرتفعة ممنوعة بالكامل. لكنها لا تكتفي بالترداد اليومي على طريقة الببغاء المحبوس في قفص، بل هي تزيد من جرعات الحرب النفسيّة متأملة من نتيجة لمصلحة إسرائيل.
التهويل الإسرائيلي بالعربيّة أقوى من التهويل العبري لأن اعتناق فكرة الصهيونيّة عند الفريق الخليجي ــ اللبناني هو أكثر حماسة. هناك نائبان من التغيير (صادق وضو) قضيا كل أشهر الحرب في المساهمة (البريئة طبعاً) في أدب ذمّ المقاومات والدعوة إلى «حلّ الدولتَين».
مارك ضو منزعج من العلاقة بين النظام السوري والمقاومة بسبب حبّه للديموقراطيّة في سوريا، لكنه منزعج من إفساد العلاقة بين لبنان وبين ديكتاتوريّات السعوديّة والإمارات.
المال ليس عاملاً في هذه البروباغاندا المجنونة. إنه الفكر النظري المجرّد الذي يؤمن به فريق من اللبنانيّين ومن دون تنسيق مع جهات خارجيّة، لأن الفريق هذا سيادي خالص. السكان في إسرائيل يندبون حظّهم ونصف لبنان يهتف بحياة النصر الإسرائيلي الأبدي.