بالنسبة إلى الأنفاق: هناك دعاية محمومة من حلفاء إسرائيل الخلّص في السعوديّة والإمارات (وعبر أتباعهم الكثر في إعلام وثقافة لبنان) للنيل من الأنفاق. أصبحت الأنفاق شرّاً مستطيراً، وأصبح التحصّن في الأنفاق مذمّة ما بعدها مذمّة.
هناك أدب التغزّل بالأنفاق عن الحرب العالميّة الثانيّة وعن حرب فيتنام. «غيتو وارسو» قاوم بالأنفاق وأصبحت بطولة المقاومين ضد النازيّين مضرب مثل في الحديث عن الحرب العالمية الثانية. لكن في جبهة مساندة العدوّ الإسرائيلي في الإعلام العربي، فإنّ الأنفاق باتت نقيصة مضادة للفضيلة.
أصبح التحصّن في خنادق بعيداً عن المدنيّين خطيئة دينية وسياسيّة. وباتوا يعيّرون لجوء المقاومين وقادتهم إلى الأنفاق الدفاعيّة كأن في ذلك نقيصة أخلاقيّة.
طبعاً، هؤلاء يشعرون بضيق لأن العدوّ لا يصل إلى قادة المقاومة في غزة. وشريط الأنفاق الذي أصدره الحزب، أصاب الصهاينة العرب بالإحباط الشديد.
هؤلاء يرون في هزيمة العدوّ هزيمةً لهم وفي انتصار العدوّ انتصاراً لهم. هؤلاء يريدون من المقاومين ألا يقتربوا من المدنيّين لأنهم سيلومون المقاومة على قتل العدوّ لهم، ويريدون من المقاومين ألا يتحصّنوا في الأنفاق كي يسهل قتلهم على يد العدوّ.
هؤلاء يريدون قتل المقاومين ولا يكترثون لمصير المدنيّين أو لمصير القضيّة. الأنفاق حاجة ماسّة في مقاومة الاحتلال، ولا يعترض على الأنفاق إلا من يريد القضاء على ظاهرة المقاومة بحد ذاتها.
إن فيديو الأنفاق الذي أصدره الحزب مذهل لأنه يظهر قدرات لم يكن العدو يتخيّلها من قبل: جادات وشوارع وشرطي سير تحت الأرض. يبدو أنّ هناك مدناً مقاومة تحت الأرض. وحده أحمد جبريل كان يبحّ صوته في الدعوة إلى حفر الأنفاق في لبنان للتحصّن ضد الاعتداءات الإسرائيليّة الجويّة الدوريّة.
ذات مرّة، اقتنع ياسر عرفات بجدوى الأنفاق وأمر باستيراد جرّافات عملاقة من آسيا. وصلت إلى لبنان بمبالغ باهظة ثم اكتشفوا أنها غير صالحة للمُراد. تركوها كي تصدأ.
الأنفاق في جنوب لبنان كان يمكن أن تغيّر مسار اجتياح إسرائيل في عام 1982. لكن أعوان العدوّ كانوا اعترضوا بحجج حماية البيئة. واحد اعترض على غياب التهوئة.