سنذكرُكم واحداً واحداً وواحدةً واحدة، بكلّ الذين نشطوا في أشهر العدوان على غزة وأسهموا في المجهود الحربي الإسرائيلي. كل وسائل إعلام السعوديّة والإمارات شاركت، وبقوّة. وكل الإعلام اللبناني المرتبط بالنظامَين المذكورَين شارك بطريقة أو أخرى (إما بالتغطية أو بالعناوين أو بالتغريد أو بنقل التهويل الإسرائيلي: من «النهار» إلى «نداء الوطن» إلى «إم. تي. في» إلى «إل. بي. سي» إلى «الجديد» التي أصبحت بوقاً إماراتيّاً بعدما أدّت قسطاً من سنواتها الأولى في خدمة النظام القطري).
نوّاب من "التغيير" وإعلاميّون وإعلاميّات في صفّ الخليج نشطوا وجهدوا في هذه الحرب. والأنكى، كان هؤلاء الذين يقضون الساعات والتغريدات في ذمّ المقاومة، وذمّ النظام الوحيد على هذه الأرض الذي يمدّ المقاومات العربيّة بالمال والسلاح، بينما يغرّدون لمرّة في الأسبوع بكلمة حزناً على غزة.
المشاركة العربيّة في الحرب الإسرائيليّة بلغت الذروة في هذه الحرب بصورة لا سابقَ لها منذ النكبة. في حرب تمّوز عام 2006، لم يكن الإعلامَين السعودي والإماراتي على هذه الصورة من المُجاهرة بالصهيونيّة.
في الأيام الأولى، توقّع النظام السعودي أن تنتصر إسرائيل في ساعات على طريقة زمن المقاومة الفلسطينيّة في لبنان. وصدر تصريح من مصدر سعودي «مسؤول» يلوم الحزب على الحرب. لكن عندما ثبتت المقاومة في الأرض وصدّت العدوان ومنعته من التقدّم، اضطرّ النظام السعودي إلى أن يُماشي المزاج الشعبي العربي في نصرة لبنان والمقاومة.
طبعاً، بعد هزيمة العدو، نُفّذت خطتان هائلتان سياسية وإعلاميّة من أجل تقويض الدعم الشعبي العربي للمقاومة في لبنان. ونجحت الخطة بدرجة كبيرة. اليوم، هناك ذعر في الإمارات والسعودية ولبنان من نصر «حماس» و«حزب الله» في آن.
هؤلاء (رغم تمنّع «حماس» والحزب ــــ بعد مصالحة السعودية وإيران ــــ عن نقد السعودية) يمثّلون المشروع المضاد للسلام الإبراهيمي. السعوديّة متحالفة مع إسرائيل، وتنتظر فقط اللحظة (والثمن) لنقل التحالف من الحيِّز السرّي إلى العلني.
هذه الحرب ستنتهي والشعب الفلسطيني سيبقى على أرضه، والشعب العربي سيكون له متّسع من الوقت كي يُجري جردة حساب وإحصاء المساهمات العربيّة في المجهود الحربي الإسرائيلي.