هُزمَ جمال بومان في معركة اللوبي الإسرائيلي في انتخابات الحزب الديموقراطي التمهيديّة في دائرة في ولاية نيويورك. لم تكن المعركة شرسة لأنّ النتائج كانت محسومة. أنفق اللوبي نحو 15 مليون دولار وهو رقم قياسي في تاريخ الانتخابات التمهيديّة.
لكنّ مضاعفات ما حدث ستبقى في الأذهان: اللوبي يتدخّل في معركة محليّة لمصلحة دولة أجنبيّة وبسبب موضوع واحد لا غير: إقصاء نائب تجرّأ على انتقاد إسرائيل. النائب بومان كان من مؤيّدي إسرائيل، لكنه تغيّر بعد زيارة فلسطين المحتلّة.
لا أثني عليه لأنه جهد في كسب ودّ اللوبي وصدّق التهم الأولى عن 7 أكتوبر. كل جاهل بالقضيّة (أي الذي لم يدرس في الكتب والمراجع تاريخ القضيّة الفلسطينيّة وفكر وممارسة الصهيونيّة) يجب أن يتغيّر في نظرته إلى القضيّة بسبب ما يمكن ملاحظته على الأرض.
في بداية الاستعمار البريطاني لفلسطين، كان يُقال: المسؤولون البريطانيّون في لندن كانوا موالين للصهيونيّة، لكنّ المسؤولين البريطانيّين المتواجدين على أرض فلسطين كانوا موالين للعرب بسبب ما لمسوه من مظالم.
جريمة النائب بومان أنّه طالب «مبكراً جداً»، وفقاً للصحافة السائدة هنا، بوقف إطلاق النار في غزة. هذا يرد كمثال على معاداة اليهوديّة في «نيويورك تايمز». مَن يستطيع أن يُجنّد ويحشد ويُموّل بِطاقة اللوبي الإسرائيلي؟ حتماً ليس العرب غير الموحّدين الذين لا ينفقون على قضيّتهم كما ينفق الصهاينة حول العالم.
من النادر أن يُنفق ثري عربي لمصلحة فلسطين، بعكس أثرياء اليهود في العالم. لكنّ اللوبي شطَّ وتطرّفَ في تدخّله وأهان مشاعر السود. كان يمكن للّوبي أن يجنِّد أسوَدَ موالياً له، لكنه اختار رجلاً أبيض بنفحة عنصريّة.
اللوبي عزل رجلاً أسود من الكونغرس، وسيكون لهذا دلالات على السلوك الاقتراعي للسود الذين يبتعدون بالتدريج عن الحزب الديموقراطي (زاد تأييد الذكور السود لترامب في آخر ولايته). لن يهجر السود الحزب الديموقراطي، لكن قد يبقى الكثير منهم في البيت اعتراضاً على تدخّل «أيباك» العنصري والصفيق. اللوبي مذعور جداً وبسبب ذلك هو يرتكب أخطاء فادحة. كان عمله أكثر كياسة وسريّة.