إنها الحرب وإنها المقاومة. حقّقت إسرائيل إنجازاتٍ استخباراتيّة وإرهابيّة. لكن العدوّ في مأزق، كما يقول عنه اللبناني نسيم طالب: إن دولةً تحتاج إلى الاستمرار في فرض العنف الجماعي بانتظام لا يمكن لها أن تستمرّ.
قتلت من قادة المقاومات والأنظمة الكثير ومأزقُها أسوأ من قبل. في الخمسينيّات مثلاً: كانَ لديها تفوّق كبير ضد الدول العربيّة الخانعة، ولكن مأزَقها كان أقلَّ مما هو اليوم.
كلّما زاد المأزق، كلّما زادت حاجتُها إلى العنف. والغرب المجرم (كلّه ولا يهمنا أبداً تصريح هزيل لنائبة رئيس وزراء بلجيكا) يزيد من حدّة تغطيته لجرائم إسرائيل. فرنسا السبعينيّات كانت صهيونيّة ولكن لم تكن مُنفّذة أوامر أميركيّة كما هي اليوم.
المقاومات تزداد مهارة وفعاليّة وقدرة: تظلم منظمة التحرير لو تقارنها بمقاومة «حماس »و«حزب الله». كل تجربة تتعلّم من سابقاتها وتبتكر وسائل جديدة. هناك طبعاً فقر في الدعم من الخارج.
إيران (على تحفّظ كثيرين على سلوكها أخيراً) باتت الوحيدة التي تقدّم الدعم العسكري. في الماضي، تنافست دول عربيّة على تمويل أو تسليح المقاومة الفلسطينيّة (التي فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة الأموال وتوظيف الدعم العسكري في مكانه).
لبنان يواجه حرباً لا تختلف في الهدف عن حرب 1982: إسرائيل تحاول أن تقضي على المقاومة وتعيد تشكيل النظام السياسي اللبناني كي تأتي، مرّة أخرى، بعملاء ومتعاونين ومارقين حكاماً علينا. عشتُ التجربة عند وصول «الكتائب» إلى الحكم.
لم يصل بشير الجميّل إلى بعبداً، وأخوه من بعده تمتّع بدعم إسرائيلي وأطلسي. في غضون سنتيْن، تهاوى حكم الجميّل وأصبح سائحاً أسبوعيّاً في دمشق يقصدها لطلب الرضى والأوامر. لم يزر رئيس دمشق كما زارها هذا. اليوم، هناك عشرات الآلاف من المقاتلين الصلبين المتدرّبين الذين يمتازون بفضيلتيْن في القتال:
١) يريدون الحفاظ على سجلّ المقاومة في النصر ضد العدوّ.
٢) يريدون الانتقام لزعيمهم. لهم الجنوب وفضاؤه كي يلقّنوا إسرائيل درساً رغم عدم التكافؤ. التكنولوجيا أصبحت ضرورة في المقاومة لكن: كل مرحلة جديدة تتلافى أخطاء المرحلة السابقة. قُدُماً.