لا لطي صفحة الماضي قبل معرفة الحقيقة كاملة مرورا بمرحلة الاعتذار و الاستماع العمومي و لا مصالحة خارج قانون العدالة الانتقالية الذي طفحنا من اجله المر منذ البداية بتعلة رفض الاقصاء و التشفي من رموز النظام المافيوزي الى مناقشته بالمجلس التأسيسي الذي أخذ من وقتنا الكثير و من مالنا الاكثر و أهدر فرص المحاسبة و الانطلاق في البناء على أسس صلبة…
المشكل أن قانون المصالحة هذا ليس وليد تفكير أو تكتيك لجلب المصلحة العامة و الشاملة بقدر ما هو نتيجة طبيعية أو حتمية في مسار التركيع الديمقراطي و اعادة تنمية الكروش الفاسدة التي ابدا لم تجلس بعد الاطاحة برأس المخلوع لتكتفي بالتفرج على الانتقال الديمقراطي في تونس بل استماتت في عدم تمرير قانون العزل السياسي و عطلت تطبيق العدالة الانتقالية و هرّجت اثناء كتابة الدستور و جيشت جيوش النمط و الهوية و خلقت النعرات و الحقد و الكراهية و نادت بالاقتتال و الاحتراب و الانقلابات العسكرية و زرعت الخوف الى ان تمكنت بعد مذة قصيرة من الترنح السقوط على كراسي السلطة...تنتظر الهدية...!!
هي المرحلة الموالية لكل ما سبق من تزييف و تبييض لمن اجرموا في حق هذا الوطن الذين خرجوا في مجاري الدعاية الاعلامية المأجورة رجال دولة و رموز وطنية خدموا البلاد…هي مرحلة سيصبح بفضلها المجرم الذي قام بجرائم مالية و اعتدى على المال العام بقوة النفوذ و السلطة "رجل المرحلة" الذي سيساهم في تحريك الاقتصاد و جلب الاستثمار للخروج من "الازمة الاقتصادية الخانقة" التي انعكست بالسوء على الوضع الاجتماعي و كأنهم ليسوا السبب الرئيسي في الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي المتدهور !
هي مرحلة طبيعية و عادية بعد حرب ضروس شنت ضد هيئة الحقيقة و الكرامة بذلوا فيها الغالي و النفيس و جندوا لها جيوش الحجّامة و فيالق عبد الوهاب عبد الله الى ان وصلوا الى عزل "المصالحة" عن سياق العدالة الانتقالية الطبيعي كآخر مرحلة لها و تشويه اهدافها…وهي تعزيز الوحدة الوطنية وبناء دولة القانون وإعادة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة…!
الغير طبيعي هو ان يصبح العفو التشريعي العام كحق في كفة و مصالحة الفاسدين في الكفة الاخرى و اصبح محل بيع و شراء نال استحسان من كانوا يرفضونه و يسخرون (بقداش كيلو النضال) من المتمتعين به لتصبح المصالحة بقدرة قادر"شاملة" الهدف منها افساح العمل للجميع لتوفير موارد للدولة دون تعطيل !