يقول محمد السرّاج في " الحُلَل السندسية في الاخبار التونسية" ان الدّاي مصفى كاراكوز تولى امر تونس اثر وفاة مصطفى لاز . يقول السراج " لما بلغه [ كاراكوز] ان مصطفى لاز في النّزع الاخير، صار ليله كله يلُوجُ في القصبة وهو يتسمّعُ الصيحة بموته..ولما سمع الصياح والضجيج واهل الهالك في امر مُريج، جمع العسكر الذي في القصبة ومدّ لهم يدهُ فقبّلوها وامرهم بالانقياد فقبلوا"
يقول السرّاج " وحدثني من اثق به ان كاراكوز حسبوا له تسعة وتسعين يوما متوالية يصلُبُ في كل يوم رجلا" .
" وانه ورد عليه رجل من بني زرت بلجد نمر مدبوغ هدية، فاحسن مُلاقاته وهش به حتى ظن الرجل ان تكون له حظوة ومنزلة ثم امر بخنقه".
يقول السراج " وانه قام يوما من قيلولته وخرج بقميص وسراويل وقعد عند باب القصبة وقال للعسكر " اتعلمون فلانا بربض باب سويقة من وصفه كيت وكيت؟ فعرفوه فقال ايتوني به الان فورا، فاسرعوا واتوا به فصلبه في الحين".
ومع هذا كان كاركوزا هذا يدّعي العدل. يقول السراج " انه جلس يوما على سور القصبة فرآى اعرابيا ياكل رغيفا تحت السور وبجانبه حماران فارسل له الجند والزمه باعطاء الشعير للحمارين وان توضع احمالهما على البدوي الي ان ينتهيان من العلف".
يقول السراج " وتعطّلت غالب الاحكام في ايامه، وصار غالب احكام الديوان وغيرهم من ارباب التّصاريف يجتنبون التّصرّف خوفا من بطشه، وربما تعطّلت بعض احكام الشرع العزيز".
وكان كاراكوزا هذا يدّعي الورع ايضا. يقول السراج " وحدثني شيخنا سيدي محمد بن شعبان انه التقى كاراكوزا في الحج فطاف معه حافيا الي ان تورّمت رجلاه وصار يخرُج منها المَهَلُ ، فقال له : هلاّ لبست وِقاية كغيرك؟ فقال : لقد سعت في غير مرضاة الله فلعلّه يكون سببا للمغفرة". يواصل السراج فيقول " وكان يصدر منه في احكامه ما يناقض هذا [ الورع] اذ انه علّق في عشية واحدة من شهر رمضان خمسة انفس من غير اثبات دعوى عليهم".
" وقيّض الله له قُرناء دسوا له السم وهما صنابلي احمد وشاقال حسين، فتمكنت فيه السوداء وداخلته احوال متناقضة...".
ويقول مؤرخ مجهول في كتاب " نور الارماش في وصف تونس في حكم الاوباش" ان كاراكوزا هذا قد الغى المجلس الاعلى للقضاء وعيّن مجلسا نصّبه هو وادعى انه لا يتدخل فيه، فلما لم تجر الامور على هواه عاد فنصّب نفسه قاضيا وعزل من لم يحكم بما يريده كاراكوز. وفي ايامه كُشِف عن بكارة النساء ونَشر اتباعه من الاوباش تقاريرا طبية تتعلق بأعراض النساء ، فهُتِكت الاعراض وأُستُحلّت الحرمات، وسكتت المنظمات النسوية والحقوقية، وبرّر السوقى ودود المزابل هذا الفعل الشنيع بأفعال شنيعة سابقة قام بها اوباش سابقون.
* الحلل السندسية، تحقيق محمد الحبيب الهيلة، ص 250-260