استرعى انتباهي اليوم " الربوخ" الذي صاحب الشاهد الي هيأة الانتخابات،ولاحظت ان الربوخ والصطمبالي يكاد يكون لازمه عند " القديمة" من بورقيبة الي بن علي الي الباجي الي عبير الي الشاهد،وفي المقابل فانه يغيب بل يكون محل ازدراء لدى كل من جاء بعد الثورة. وأردت ان افكر في ذلك.
اذا وقعت مُداهمة القديم بقيم جديدة وعصر جديد وخطاب وتقنيات جديدة،فانه لا يستطيع ان يرد إلا بالفلكور. لا يستطيع القديم ان يُدهِش الناس بإبداع افكار ومشاريع تستجيب للعصر وترد على التحديات وتُحدثُ له زخما وعمقا شعبيا لذلك يلتجئ الي احداث دهشة استيطيقية- انفعالية- فرجويه للإيهام بشرعيه لم يعد لها ما يسندها في واقع الناس ولإحداث فرح كاذب كدليل على مقبولية معدومة.
ازاء دهشة المماليك من سلاح وتقنيات نابليون الحديثه التجأ هؤلاء الي الفُرجة الغرائبية الخرقاء: نجد في " مسالك المصريين المعاصرين وعاداتهم" لادوارد وليم لين " حين زوًج نقيب الاشراف احدى بناته مشى امام الموكب شاب كان قد احدث ثُقبا في بطنه وسحب قسما من امعائه وحمله امامه في صينيه فضية،وبعد انتهاء الحفل اعاده الي موضعه.."
وعندما كانت فرنسا تجتاح تونس. وتتحكم في الباي وتفرض عليه " الكومسيون" المالي كان الباي يرد بالمغالاة في مظاهر الابهة في محاولة يائسة للإبقاء على سلطته في قلوب رعية اصبحت مثله في قبضة الاستعمار " واصبح ( الباي) يوم المولد لابس الزي وبالغ في تحلية كسوته مبالغة اقتضت ثقل حملها" ( اتحاف اهل الزمان) " وفي هذه الايام وصلت الباخرة التي اشتراها الباي..
إلا انها لم تستطع الدخول الي مرفى المراكب بحلق الوادي لأنها لا تطفو بماء البوغاز..وشرع رؤساء البحر يخاطرون بجرها اليه..وأهل اوروبا ينظرون ويتعجبون مع ما يُذكر من ثمنها الذريع وإن كان نسيئة ( واخذها "كريدي". ) وفي سنة 1866 قدِم الفرنساوي صاحب الدين على الدولة التونسية..وذلك ان الباي افرط في الاقتراض وباع القموح والزيوت لآجال ( يبيع غلة السنوات القادمة) بحيث ان ما باعه يستحيل ان تنتجه الايالة".
يبدو ان الصطمبالي هو احد اشكال اصطناع الابهة الكاذبة وهو وثيق الصلة بالفساد والعجز : كلما عجزت " القديمة" عن مواجهة تحدّ سواء داخلي ام خارجي وكلما ارادت تغطية فساد اصبح يهدد الناس إلا التجأت للفرجة واستعمال ذلك كدليل على رضى الرعيه وعلى " الفرح الدائم" و " هو والا لا". عندما يداهم الجديدُ القديمَ فان الاخير لا يملك الا ان يتحول الي كراكوز لشد انتباه هواة الفرجة..الي ان ينتبهوا انه لا يُطعِم من جوع.