كيف نفهم مظاهر القتل بالجُملة وعلى نحو مرضي للمدنيين في غزة؟ لكل سلوك العديد من المقاربات وهذه بعضها:
قتل المدنيين بأعداد كبيرة وتدمير كل مظاهر الحياة هو في عقيدة "الجيش الاسرائيلي" سلاح استراتيجي. انه عمل مقصود ووقع التنظير له والتفكير فيه قبل حرب 2006 ضد حزب الله. سُميت ب" نظرية الضاحية" لأنه وقع تطبيقها على الضاحية الجنوبية لبيروت.
عرفها العالم كعقيدة عسكرية ل"الجيش الاسرائيلي" عام 2008 عندما اعلن عنها قادي ازنكوت وكان حينها قائد الجبهة الشمالية. يُعرفها العقيد قابي سيبوني كما يلي " هي ان نرد بشكل مدمر وغير متناسب مع الفعل الذي قام به العدو بحيث نجعل من ردنا عقابا جماعيا وتدميريا يكون نسيانه واصلاح اثاره عملية طويلة ومُكلفة".
ما الهدف من هذا السلوك المرضي؟ هو فصل المقاومة عن حاضنتها الشعبية: يعتقدون انه عندما يُعاقب المدنيين بشكل وحشي سوف ينقمون على المقاومة ويثورون ضدها ويتعاونون معهم. في الحقيقة هذه النظرة اقدم من "اسرائيل". لقد وقع التنظير لها من طرف علوم انسانية استعمارية كعلم العقليات والانثروبولوجيا الاستعمارية والاستشراق.
العربي في هذه "العلوم" كائن جبان ولا تعنيه ابدا قضية الحرية والكرامة، اذا ضُرب بقوة سوف يستسلم ويُخير مجرد البقاء على أي مطلب اخر. لهذا السبب يرى برنار ليفيس انه لا يجب ان نتوقع ابدا الثورة في العالم العربي، لأنها لا تكون الا في ثقافة يرى فيها الفرد ان الحرية اسمى من مجرد الحياة، ولهذا السبب كان اندهاش فوكو من الثورة الايرانية.
لهذا السبب ايضا يرون ان العربي لا يُحكم الا بالاستبداد الشرقي.انه كائن فوضوي، يحكمه الخوف وذهنيته لا تجعله يتمثل فكرة القانون وهي شرط الحرية. ويستدل هؤلاء على صحة "نظريتهم" بخضوع الشعوب العربية لحكام مستبدين وعدم الثورة عليهم والاطاحة بهم.
ما هو مؤسف حقا هو انه بيننا من يعطي مصداقا لهذه النظرة العنصرية، سواء في تحميل المقاوم وليس الاحتلال مسؤولية القتل والتدمير وا بالقول باننا شعوب لا تستحق الحرية والديمقراطية ويجب ان تُحكم بالمستبد الذي يسمونه بالعادل والوطني.
من يريد الاطلاع والتعمق في نظرية الضاحية:
Gabi Siboni « disproportionate force :Israel’s concept of response in light of the second Lebanon war »
Samy cohen “ tsahal ou la stratégie de la riposte disproportionné”