"وفي الخامس من شتِمبر الاصمّ قسّم مولانا صاحب الدعوة القائم بأمر الله وصاحب افريقية اصحابه الي ظاهرية وباطنية. اما الفِرقة الاولى فهي من ساندت الدعوة في اول امرها ثم زاغت قلوبهم عن الحق، حين ابطأ امر الله بتقريبهم، وطفقوا يُشككون ويُرجِفون بان المسار قد حاد عن مساره.
وهذه الفرقة اظهرت الايمان بالدعوة وشككت فيها في باطنها غير انها سلكت طريق التّقية، ويُسمّى هؤلاء " الشّعبيّون"، اما الفرقة الثانية فهي لم تصبر الي ان يكتمل الوحيُ لتأخذ نصيبها من الانفال فقالت بوجوب التفريق بين الدعوة والداعي، فقالت بان الدعوة حق والداعي على ضلالة، ويُسمّي بعض المُصنفين هذه الفرقة ب" الخُماسية"
اما اهل الباطن فهم اهل الحق ويُسمّون بالحُنفاء، وهم من يُظهِرون ما يُبطِنون وآمنوا وسلّموا تسليما بما يقوله صاحب الدعوة . فان قال مولانا " الفكر الجديد" لم يُطالبوا بالكيف والاين، وان قال " المقاربات الجديدة" قالوا ان كان قد قال فقد صدق، وان قال بإنقاذ الانسانية قالوا تلك رسالة الصالحين، ويحتجُّ اهل الباطن بما قاله مالك بن انس في مسألة الاستِواء " الاستِواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة"
اما المُرجئة فيقولون سنُرجئ صاحب الزمان ونرى ما يكون من امره، اما الان فإننا نُعلّقُ الحكم، فلا نحن مع الظاهرية ولا الباطنية ولا الخوارج. و الفرقة الاخيرة عارضت صاحب الدعوة من يومه الاول وخرجت عن سلطانه وكذّبت الدعوة ، واتهمته بالزندقة والإفك ، وقالت بان نَسبهُ يعود الي ابن ثمامة بن كثير بن حبيب الحنفي ،والعلم لله،ويُسمّى هؤلاء بالمخمورين الا ان صاحب الطّبقات يقول بان تلك تسمية روّجتها ضدهم الباطنية للتّشنيع عليهم عند العامة، وانما اسمهم هو" المواطنون" ولم نقف في تصانيف الاولين على سر هذه التسمية"
ابو الفتح الشهرستاني الدّرر البهية في مِلل ونِحَل افريقية-