عندما تفشل النُّخب التي حكمت بعد الاستقلال في بناء اية نهضة- بدون ان نُبرّر ذلك بالقوى الامبريالية والصهيونية، فهذا لا يُعفي من المسؤولية- وتفشل النُّخب القومية- بدون ان نبحث عن تبرير مماثل- ويفشل اليسار ، ويفشل الاسلام السياسي، ويفشل الذين انقلبوا على الثورات باسم الانقاذ، سواء في مصر او تونس او السودان، الا يدفع ذلك الناس الي الياس من الجميع والدخول في فوضى عارمة تُهدد حتى الدول الموروثة عن سايكس بيكو؟
هناك من يرى هذا بعيدا، ولكن الانهيار الكبير لا يحدث في يوم واحد: هو تراكم طويل وبطيئ من الاخطاء والعوامل: بغداد وروما والاندلس لم تسقط في يوم واحد: اجيال من الفاشلين ادت الي الانهيار الكبير والاخير.
لكي ننقذ شيئا ما علينا ان نعرف ما حدث. الثورات العربية هي " اهم حدث شهدته المنطقة العربية بعد البِعثة المحمدية" كما عبر عن ذلك احد الاصدقاء( اعتذر نسيت من هو). هنا لا اريد ان اناقش الكائنات التي لها عقول البراغيث، اقصد جماعة " ربيع الخراب" والربيع العبري.
عندما نعرف ان هناك اخطاء قاتلة داخلية: من القوى المحمولة على الثورات، ولكنها كانت خرقاء وجاهلة، وتخريب خارجي: من القوى المهيمنة والتي حدثت الثورات ضدها والمتحالفة مع الصهيونية والمستعمر القديم. بالطبع الامور اكثر تعقيدا: هناك قوى محمولة على الجديد تحوّلت الي قوة رجعية تعمل بالوكالة مع الصهيونية والكومبرادور عندما تحول الصراع الايديولوجي هاجسها الاول عوض عملية النهوض..الطويلة والشاقة.
مالم يراجع الفاعلون انفسهم وآداءهم منذ الثورات حتى الان يكون التاريخ بلا عبرة واحداثه بلا معنى. يكون قد ذهب سُدى .الاحداث التاريخية لا تستفيد منها الا العقول المُستعِدة. العقول التي لا تنشغل بفهم الاحداث والظواهر وتُؤلف بينها لتتجاوز وتجد الحلول للازمات هي مجرد اهواء يعتقد صاحبها انها افكار.
اعتقد، اذن، ان الاسئلة هي التالية: ما الذي حدث؟ وكيف وصلنا هنا؟ وما المُتوقّع لو واصلنا في حالة الصراع والانسداد؟ وكيف نتلافاه؟او في صيغة السؤال القديم: ماهي شروط النهضة العربية وماهي معوقاتها؟