أعمل جولة في القنوات التلفزية الأجنبية... تصدمك طريقة اهتمام الساسة والإعلاميين والجامعيين والمفكّرين بالجائحة وبتداعياتها على مختلف مجالات الحياة وخاصة على المعيش اليومي للمواطن.
نقاش حول مجتمعات ما بعد الجائحة... ما هي التحولات التي تحصل للمواطن بعد تجربة الحظر والحجر والإصابة بالمرض وفقدان عزيز بتلك الطريقة الموجعة... ما هي آثار ذلك على المستوى النفسي والاقتصادي والعائلي وعلى مستوى التمثلات والتصورات ما هي ردة فعل المواطن تجاه الدولة ومؤسساتها؟
هل سيكون للجائحة تأثير على إيمان المواطن بقيم الحداثة وعلى ثقته في العقلانية والديمقراطية ومؤسسات الدولة؟ ما هي تداعيات الجائحة على المنظومة التعليمية؟ وعلى الأطفال والشباب على وجه الخصوص؟ كيف سيكون مواطن ما بعد الجائحة؟
شهادات إنسانية لمثقفين وسياسيين عاشوا تجربة المرض.... ناس حياتها تبدّلت ونظرتها للحياة تغيرت وتطرح في أسئلة وجودية وتعمل في مراجعات وتقييمات لمسيرتها العلمية والفكرية. ناس تفكّر بالكبير في ظاهرة الخوف والإحباط وانتشار العنف داخل الأسرة.... وارتفاع نسبة الانتحار… تفكّر في شريحة من المجتمع عايشة في 50متر مربع… تفكّر في حلول لسكّان الشوارع ولعمّال النظافة وللطلبة الأجانب…
ناس تحكي على معاناة الممرضات والممرضين والإطار شبه الطبي من غير الأصول الفرنسية التي تشتغل في المستشفيات ليل نهار وتعاني من الحقرة والميز العنصري.... تحكي على ما يقومون به من أعمال جليلة ومن تضحيات وكيف يقابلون بالجحود وقلة الاعتراف ويدعون الناس لشكرهم والامتنان لهم.
يناقشوا في حق الانسان أن يختار لحظة وفاته.... وكيفية تعامل الأطباء مع شخص يطلب منهم أن يجعلوا حدّا لحياتهم. مجتمعات كرامة الإنسان عندها قبل كلّ شيء.
في المقابل
ترجع لتلافزنا وبلاتوهاتنا … سياسيين طايحين في بعضهم ضرب بالماشطة… إعلاميين ينثروا في الفتنة والكذب ويحللوا في الاشاعة… مدونين يطلقون النار في جميع الاتجاهات الّي يتحرّك تحيه رصاصة في الرأس.... يطلقون الرصاص على رجال التعليم لأنهم طالبوا بحقهم في التلقيح... يطلقون الرصاص على الأطباء لأنهم طالبوا بحقهم في الاعتراف… يطلقون النار على المفتي لأنه قال الفطرة 1750… يطلقون النار على مواطن يعطي رأيه في موضوع من اختصاصه لأنه شقيق الرئيس… يطلقون النار على أنفسهم إن لزم الأمر...
المفيد أنهم لا يواجهون ذواتهم حتى لا يكتشفوا حجم البؤس المعشش بداخلهم... وحجم الخوف المهيمن على عقولهم. طبقة سياسية غير مبالية بوضع البلاد وبصحة المواطن وبالانهيار التام لمنظومة التعليم .... دون أن نتحدّث على خراب المنظومة الصحية ما يهمّها هو شكون يربح في طُرح تأويل الدستور... عشرات الموتى يوميا ومئات الإصابات وانفلات تام داخل الفضاءات العمومية وغياب غير مسبوق للسلطة التنفيذية.... فوضى في إدارة منظومة التلاقيح … رئيس حكومة يجتمع باللجنة العلمية ويدعو إلى تفعيل الاجراءات ... وناسي أنه هو الّي يفعّل!!!
في شكون يدعو؟
قولوا له أنه هو رأس السلطة التنفيذية وهو يمسك بوزارة الداخلية. الصين تُطلق الصواريخ وشعوبنا تحكي عل حقّ الملح. فيقوا بجاه ربي فيقوا!!!