هاكا العام عرس سلفي وكنت جديدة في العائلة... حبيت نجتهد شريت حلوة دراجي وأكياس مزركشة واعطيتها لحماتي وقلت لها باش نوزعوها ليلة (النڨيرة) السهرية... خذاتها وحطتها في الصندوق وبخيطك يلّي ريتك. خذيت على خاطري والحكاية بقات في قلبي.
نهار سألتها علاش ما مدّيتش الحلوى ليلة السهرية؟ قالت لي "اسمعي مليح... ڨبل كنّا في السخاب نخبز العيش بالزيت وتجي النساوين تڨول مبروك وتتفرّج على العروس وتاكل العيش بالزيت وتعطي آش كتب لأم العروس وتروّح... هاااك العام واحد من عمومتي ميسور الحال وعنده بنت وحدة عزيزة عليه برشة...
عمل لها سخاب ذبح برشني وطيّبوا الكسكسي باللحم ومن هاك العام الناس ولاّت تعمل سخابها بالكسكسي وتذبح البرشني. وشوي شوي البرشني ولّى زوز ومع الكسكسي زادوا الطاجين والسلاطة والغلّة السخاب ولّى فاتحة (يعني فطور العرس) والناس تضايقت وقليل الحال تجبر يتبّع وساعة ساعة نسمع شكون يقول "الله لا ترحم من كان سبب في هذه العادة موش كنّا نخبز العيش والناس تمشي فرحانة"... وحديثنا قياس.
أنا ما نحبش نجيب الدعاء لذريتي وحتى في عرسك لمّا عملت سهرية زايدة لأهلك خذيت الإذن من الرجال الكبار متاع العرش وطلبت منهم يسامحوني وقلت لهم "الله غالب كنتي برانية وأهلها ما حضروش العرس" وقالوا لي برّي مسامحينك".
في تلك المنطقة كنت نستغرب من أنّ الناس الكلّ تعرّس بنفس النمط... نفس الحولي ونفس التصديرة ونفس البردة والفاتحة تتعمل بنفس الطريقة وفي السهرية الناس الكلّ تقعد على الحصران والعروسة تڨعمز على جراية حتى كان تكون جاية من السربون…
لا فرق بين غني وفقير إلاّ في تفاصيل صغيرة خاصة جدّا لكن المشهد بشكل عام فيه تشابه كبير وفيه "وحدة" وعدم "إحراج" تعكس قيم أهل الجبل في التشارك (اشتراكية من نوع خاص)…
العرس مناسبة يعيشها الفقير والغني... وهي في المدن (وحتى في الأرياف الذي أصابها داء العلمنة) أداة للتمايز وأصبحت تُثقل كاهل الفقير الذي يُجبر على استبطان النمط الذي يُشرعنه الأغنياء…
وحديثنا قياس… زكاة الفطر يؤدّيها الغني والفقير على حدّ السواء وبقدر ما تكون في متناول الفقير بقدر ما تتحقق المساواة في الإستطاعة.
ولمّا نريد تقييم زكاة الفطر علينا أن نجعل repère الفقراء وضعاف الحال وليس الناس التي تتعشّى بالعلّوش وتتصحّر بالمسفوف بالفاكية…. وفي السهرية تعمل بوزة بالبوفريوة.
ردّوا بالكم من دعاء الشر…