حين يُقدم إعلامي يزعم أنّه "مُتمرّس" و"مُحترف" وفي بلاتو إحدى أهمّ القنوات الخاصة، التي يقوم بتمويلها ورعايتها "شقّ" من "شقوق" الفساد المالي في تونس، على تقديم برنامج يصفه بــ "الاستقصائي" وليس له من العمل الاستقصائي غير التسمية، ويتّهم فيه بشكل مُباشر وصريح دولة شقيقة بالتآمر على أمن تونس، ويستضيف شخصا "مشبوها" يتجرأ على اتهام دولته بالضلوع في الاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس، فهذا له معنى واحد أنّ ناجي الزعيري ألبسوه حزاما ناسفا وقام بتفجيره في وجه مليون تونسي بكلّ وحشية وقلّة حياء، وننتظر تقرير الطبيب الشرعي ليؤكّد أنّ الجثة رقم مليون وواحد تعاطت نفس المادة المُخدّرة، التي تناولها الانتحاري صاحب الجثة رقم 13، ومن قبله مُعزّ بن غربية الذي فشلت مهمّته لأنّ العملية الانتحارية برمّتها كانت مشوبة بالتردّد والخوف فتراجع في اللحظات الحاسمة.
بات لا يخفى على عاقل (وحتى على المجنون) أنّ الإعلام التونسي تُحرّكه لوبيات المال والسياسة لجهات مُتمكّنة داخلية وخارجية، كما أصبح بائنا للعين المُجرّدة أنّ أغلب الإعلاميين تُحرّكهم جهات مُتباينة المشارب السياسية ومُختلفة الهوى الأيديولوجي. وما لاحظه أغلب المُتابعين للشأن السياسي التونسي أنّ الإرهاب له وجه يتحرّك في الجبل وقفا يتحرّك في بلاتوهات إعلام "الإرعاب" وتزييف الرأي العام. وجميعهم تُحرّكهم شبكة شبكات المال الفاسد والسياسة النافقة.
ولذا المطلوب من المُهتمّين بالشأن العام المدني والسياسي على حدّ السواء، إيجاد إستراتيجيا لمُقاومة إرهاب دواعش الجبل وإرعاب دواحس الإعلام، لأنّ كلاهما يحمل حزاما ناسفا وكلاهما كرع من مادّة "الشبو" أو "الكريستال ميت"، ولا ندري متى يُباغتنا أحدهم ويحصد عقولنا قبل أرواحنا. من المعلوم أنّ هذه المادة تمنح مُتعاطيها شعورا بالبهجة والطاقة والنشاط ثمّ يتحوّل ذلك الشعور إلى هلوسة سمعية وبصرية ينفصل على إثرها مُتعاطيها عن الواقع تماما ممّا يؤدّي به إلى السلوك العُدواني تُجاه الآخرين. وهذا ما نعاينه منذ أكثر من خمس سنوات من جبل شعانبي وبلاتوهات الإعلام وأعمدة أغلب الصحف.
كما نُدرك جميعا أنّ الإرهابي أو الإرعابي على حدّ السواء لا يُعبّران عن قناعاتهما أو مُعتقداتهما وإنما تمّ إغراء الأوّل بالجنّة والحور العين والجنان والفردوس الأعلى والثاني بالمناصب والامتيازات المادية والرمزية، ثمّ تمّ زجّهما في عمليات إرهابية /إرعابية بعد حقنهما بمادّة مُخدّرة تُغيّب وعيهم وتُفقدهم التمييز بين الحقيقة والوهم.
وفي انتظار تقرير الطبّ الشرعي، وعلى أمل أن تعي النيابة العمومية بخطورة المسألة وبتداعياتها على الشارع التونسي وعلى العلاقات الدبلوماسية بين تونس وبقية بلدان المغرب العربي. نجتهد، ما استطعنا إليه سبيلا، على تحصين عقولنا من إرعاب "المزطولين" وتجنيب ذواتنا ألم العُنف المادي والعنف الرمزي الذي يُمارسه ضدّنا مُرتزقة الجبل وحرس الجيش الإنكشاري لإعلام الرّعب.