يتوقّع البعض أنّ بعد الجائحة سيكون الأفراد بحاجة لأطبّاء نفسانيين وستشهد المجتمعات تفشي ظاهرة الإنتحار "اللاّمعياري" (هكذا قال دوركهايم). من الفطنة والذكاء أن تشتغل "الجماعات" سياسية ودينية وأكاديمية وتربوية على التقليص من حدّة التوتّر وخلق بيئة تخفّف من درجة الإحباط... خاصة لدى الشباب.
تلك الفيديوهات المُحبطة متاع برشة طز حكمة من السياسيين وأشباههم... وتلك التدوينات التي تُشكّك في كلّ شيء وتُطلق النار على كل ما يتحرّك. بلاغات وزارة الصحة التي يعاد نشرها بشكل رهيب... واحد يزيد الماء والآخر يزيد الدقيق. أرقام الإصابات وأعداد الموتى الناس الكل تسمع بها فلماذا تُذكّروننا بها طوال اليوم؟
أخبار الموت لماذا تنشرونها؟ ... المنطق يقول أنّ في الحالات العادية لما شخص يموت يقع الإعلان في الفايسبوك باش الناس تعرف وقت الدفينة وإلاّ تمشي تعزّي. في سياقات الكورونا لا جنازة ولا عزاء... فقط العائلة القريبة. فلماذا تُغرقون الفضاء بالألوان السوداء؟
جماعة المخدّة مؤشّر على حالة إحباط وخوف ولا-معيار... لدى فئة من الشباب. عدم الإلتزام بالحظر الصحّي والسهريات في التراكن... هي حالة ارتباك وعدم اطمئنان لدى شباب تعوّد يعيش في الزحمة.... الفراغ يخوّفو....
ذاكر بن صوف كلّ ليلة عامل عيساوية لأهل بلاده والناس عايشة الربوخ عن بُعد وتحسّ كأنها بالحقّ "قريبة" من بعضها... أتابع السهريات ومن خلال التعليقات نفهم أنّ الناس شايخة وكأنها بالحق عايشة "التقارب"…
شقيقتي عاملة مجموعة شدّ دارك وخرّج غرامك... مواهب وغناء وعزف ورسم وكلّ ليلة سهرية مع عازف أو استاذ موسيقى أو فنّان والجماعة ساهرين مع بعضهم. أنا شخصيّا اكتشفت أهمية الموسيقى والغناء والعزف عند عدد كبير من العائلات الصفاقسية... حتى إلّي تدخل الكوجينة تعمل لايف وتمركي صاحباتها وتبدأ تحكي معاهم وكأنهم بجنبها. وتسألهم زعمه نعمل وإلاّ هكة خير…
سيف بن عمّار ينقل على اللايف سهرية مع عائلة مدنينية غناء وربوخ للصباح.... وشيخات أصل. فنّانات سمراوات البشرة ولا أروع.... صدّقوني شيء يعمل الكيف. صابر الرباعي عامل لايف ويغنيّ ويُنشد ويذكر وأدعية بصوت جميل... تريّح البال وتشرح القلب... وظافر عابدين عامل لايف زادة ويتواصل مع جمهوره.
هناك أساتذة وجامعيين عاملين مجموعات محادثة يتناقشون ويتبادلون الأفكار... ويعملوا ندوات ومؤتمرات عبر وسائل التواصل والتقنيات الحديثة.....
أكيد توجد مجموعات أخرى متاع ناس تسهر مع بعضها وعاملة لمّة تغنّي وترقص وتذكر وتدعي وتحكي وتقطّع وتريّش وتتعارك وتبكي وتشكي.... اصنع جوّك واعمل سهرية واستدعي أحبابك وأصحابك.... وما تخليّش "تباعد الأبدان" يتحوّل إلى "تباعد اجتماعي"....
ما تحشمش وما تكابرش كان تحبّ تغنّي غنّي وكان تحب ترقص ارقص... وكان لقيت راحتك في ذكر ودعاء ادع واذكر ... الحياة كقوس قزح والقلوب لمّا تكلّ تعمى... وإذا عميت تدخل في "اللا-معيار"... سلامات يا أحبابي….