عوض السخرية من مستوى التلاميذ والتندّر بأخطائهم اللغوية وبطريقة رسم الهمزة والتاء والضاد… لماذا لا نُحاول إصلاح ما أفسدته منظومة التعليم؟ هؤلاء التلاميذ لا ذنب لهم فهم من مُخرجات المدرسة التونسية ومُستواهم يُحاسب عليه المعلّم والأستاذ والولي…
هل فكّر الولي خلال العطلة الصيفية في تخصيص بعض الوقت للمطالعة أو مراجعة قواعد اللغة؟ أم انّ التصييف والتبحير لم يترك لنا مجال للتفكير في الفعل الإيجابي؟
هل فكّر المُعلّم الذي كاد ان يكون نبيا في إيجاد حلول عملية لترميم ما أفسدته قرارات الوزير الإرتجالية؟ أم أنّ أكبر همّه المطالبة والإحتجاج وترتيب أمور الدروس الخصوصية؟
هل فكّرنا جميعا في مُستقبل المُجتمع بمثل هذه المنظومة التربوية؟ هل فكّرت النخب السياسية والفكرية في طريقة للخروج من تداعيات هيمنة السياسة على صناعة المعرفة؟ هل فكّرنا في 25 ألف تلميذ الذين التحقوا بالتعليم الخاص والمدارس الفرنسية؟
جميعنا يتحمّل المسؤولية، لأنّ بناء الأوطان لا يكون بقطعان الطريق والتكابش والتناطح والإستهزاء من بعضنا البعض… بناء الأوطان يتطلّب رؤية واضحة وإرادة حقيقية. كلّ واحد منّا حامل معول ويخبط خبط عشوائي وموش عارفين أنّ الضرب في الدربالة.
المصالحة الحقيقية يُفترض ان تكون بين الشعب والدولة -حكومة ومؤسّسات مجتمع مدني-
قبل إقرار إنتسابنا لبورقيبة أو لعبد العزيز الثعالبي أو للشعانبي أو لجبل السلّوم هل قمنا بدراسة علمية للبحث في الجرائم التي ارتكبها الساسة بجميع مشاربهم في حقّ هذا الوطن وهويته، ثقافة ولغة وتاريخ؟
كفانا حديثا على بو غلاّب وعلى لطيفة العرفاوي وعلى فاطمة بو ساحة وعلى أمير الإمارات وموته المفاجئ. فجميعها مواضيع نختفي خلفها ونُخفي داخلها عدم قدرتنا على مواجهة واقعنا…
تنقصنا الشجاعة … وبلغة الشعب تُنقصنا الرجولية (ليس بمفهوم الذكورة أو الفحولة) ولكن بمعنى مواجهة الحقيقة ومُقاومة الرداءة حتى وإن كانت في ذواتنا…
كلّ واحد منا يعمل طلّة صغيرة في المرآة … لا تتفاجؤوا فالصورة مشوّشة وغير واضحة.