حسب رأيي عين العقل أن تتخذ الحكومة قرار منع التنقل بين المدن خلال عطلة العيد... صحيح برشة ناس باش تتقلّق -وأنا واحدة منهم- وبرشة ناس موش متعوّدة تعيّد بعيدة على العائلة الموسّعة لكن للضرورة أحكامها.
فهناك مدن صفر حالة منذ بداية الجائحة وهناك مُدن اخرى وقع إعلانها بؤر موبوءة، وليس من العقلانية أن نُخاطر بالصفر ونفتح الأبواب أمام احتمالات انتقال الوباء وانتشاره من جديد (حتى لو كان الاحتمال 1 بالمائة) ... لأنه لمّا يرفع حظر التجوال بين المدن ما عادش تنجّم تراقب الداخلين والخارجين.... ولا تتحكّم في التدفّقات.
أيضا هناك مواطنين بالخارج ناويين يروّحوا يعيّدوا مع أهلهم وهذا مشروع، لكن سيكونون في الحجر الصحي، وليس هناك ما هو أخطر من التساهل في التنقّل دون تراخيص ... سوف يستسهل الناس التنقل لزيارة أهلهم (خوه وصاحبه وأخته وخطيبته وابنته...) بمراكز الحجر الصحّي الإجباري... ولما لا يتقابلوا معهم ويعدّوا معهم نهار العيد ساهلة الحكاية. وهذا (بالتجربة).
شوية إنعاش ذاكرة....
أوّل حالة كانت مُستوردة (مواطن روح من إيطاليا) وهي التي نقلت العدوى لقفصة وثاني حالة مستوردة (من مصر) وهي التي نشرت العدوى في أريانة وأوّل حالة وفاة في سوسة هي لسيدة كانت في تركيا وأول حالة وفاة في صفاقس للمنشد الذي كان في إيران ونقل العدوى لجدته التي توفيت وجاره الذي لديه قصور كلوي وتوفّي (الله يرحمهم). وانتشار الفيروس في مدنين كان بسبب سهرية في الحارة بجربة: امرأة جاءت من العاصمة ونقلت العدوى لجربة، ومنها إلى إسرائيل ثمّ إلى سوق الصاغة بجرجيس وسوق الصاغة بمدنين،
وأكثر من عشرين شخص من عائلة واحدة في منوبة أصابتهم العدوى من قريبهم الذي كان في جربة وروّح، وفي سكّرة الكهل الذي توفّى يشتغل سائق وجاء من جربة ونقل العدوى لأفراد عائلته. وفي قبلّي الوضع الكارثي كان بسبب شخص جاء من الخارج حضر عرس في القلعة ونقل العدوى لسيدة روّحت لقبلّي ونقلت العدوى لجميع أفراد عائلتها فضلا على حالات العدوى في القلعة....
الشيخ الذي توفي في تطاوين ابنه كان في جربة قبل ما يقع منع الدخول والخروج. والشيخ الذي تُوفي في الكاف انتقلت له العدوى عن طريق حفيده الذي كان في إيطايا. الفيروس جاء لتونس مع القادمين من مناطق موبوءة (إيطاليا - مصر- فرنسا-إيران) وانتشاره كان بسبب التنقل بين المدن وعدم التزام الحجر الصحي ... واستهتار بعض المواطنين وأيضا بعض الأمنيين (الستة متاع القصرين).
وحتى جندوبة لولا ألطاف الله زوجة الطبيب التي تنقّلت من أريانة إلى جندوبة خلسة كادت تعمل كارثة ... وسليانة الشخص الذي كان في العاصمة وساعده عون أمن على العودة دون ترخيص هو الحالة الوحيدة التي لولا أنّ الناس كانت متيقضة لانتقلت العدوى لجميع من خالطهم.....
في بداية الكورونا كنّا نتضرّع إلى الله ونطلب منه أن يوصّلنا نحن وأحبابنا رمضان والحمد لله وصلنا. وفي بداية رمضان كنّا نلحّ في الطلب وندعو ربّي يوصّلنا العيد سالمين وغير موجوعين ولا فاقدين ولا مفقودين.
والان نسينا البدايات ونسينا الكابوس وتغيّرت وُجهة الدعاء وأصبحنا نحب على دبش العيد وحلو العيد وصلاة العيد ولمّة العيد وزيارة العائلة في البلاد.... والقهاوي والمخارق والزلابية والرشتة والملسوقة.
"إِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ"…..(الروم 33).