اللّحظة صعبةٌ

اللّحظة صعبةٌ على كلّ أعضاء فريق المقاومة ومناصريها. هناك شعور بتوقّف التاريخ عن المسِير قُدُماً. الاستسلام للّحظة يُعاكس التاريخ. هناك لحظات سابِقة صعبة. في عام 1967، ساد شعورُ الهزيمة، وأسهم فيه مثقّفو التنظير للهزيمة الذين أصرّوا على أنّ التغلّب على إسرائيل يحتاج إلى تقدّم علميّ وتحقيق للديموقراطيّة وتحرير المرأة والصعود إلى القمر. دون ذلك، نبقى في الهزيمة.

في عام 1970، بعد وفاة عبد الناصر، كان الشعور أنّ العالَم العربي انتهى وأنّ الحُلم العربيّ زال. حرب 1973 بدأت بنشوة وابتهاج وانتهت بخيبة وخوف. في عام 1982، تسلّمت إسرائيل لبنان رسميّاً (بالقوّة والإرهاب) وبدأت بتركيب نظام سياسي جديد.

لم تجد أفضل من آل الجميّل لقيادة ذلك اللّبنان. خاف أمين الجميّل من غياب الحماس الإسرائيلي له، مقارنةً بأخيه، فوعَد بتنفيذ كلّ الأوامر التي تلقّاها بشير الجميّل من إسرائيل ووعَد بتنفيذ أوامر جديدة. الحركة الوطنيّة انهارت بالكامل، ومنظمة التحرير رُحّلت في سُفن. (لا أنسى عندما وقفتُ على شرفة مكتب رشيد الخالدي في الجامعة الأميركيّة في بيروت ورأينا دبّابات الجيش اللّبناني المِقدام وهي تجول الجامعة لترهيب الحركة الطلابية ومنْع تظاهرات الاعتراض على المرحلة الإسرائيلية).

ظنَنّا أنّ بشير الجميّل سيحكُمنا لمئة عام على الأقل، أو هكذا بدا لنا آنذاك. حِلف شمال الأطلسي دعمَ أمين الجميّل بعد اغتيال أخيه، والنظام العربي الرسمي احتضن الجميّل ورعى اتفاقيّة 17 أيّار. كنّا نتحدّث عن شعورنا عندما تُفتَتح سفارة إسرائيليّة في بيروت.

أمين الجميّل هدَّد من واشنطن بقصف دمشق. لا أصدّق، عندما أتذكّر، أنّ انتفاضة شعبيّة مسلّحة أسقطت نظام أمين الجميّل في بيروت الغربيّة في غضون سنة، واضطُرّ تحت الضغط إلى إلغاء الاتفاق. لا، والجميّل الذي هدّد من واشنطن بقصف دمشق سجّل الرقم القياسي بين رؤساء لبنان في زيارة قصر الرئاسة السوري.

اليوم هناك لحظة مشابهة. لو تستسلم لها تَخال أنّ حركات المقاومة انتهت إلى الأبد، وأنّ إٍسرائيل ستتحكّم بمصائرنا إلى ما لا نهاية، وأنّ إسرائيل تخلّصت من قادة المقاومة. انتظروا قليلاً أو أكثر: الدوائر تدور. هكذا هي حركة التاريخ.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات