بقطع النظر عن الاسباب السياسية المرتبطة بموازين القوى الحالية التي أدت الى اقالة وزير التربية في هذا التوقيت، من المهم ان نقيّم أداءه بالرغم من أن التقييم يصعُب باعتبار عدم تكليفه بأهداف محددة ومبرمجة في الزمن. لكن في ما قام به، وحتى نستنتج بعض الدروس من التجارب، يمكن الحديث عن:
- "أسطورة إصلاح المنظومة التربوية" التي لم يعلن عن أهدافها ولا عن ارتباطها بمؤسسات انتاج الكفاءات الوطنية الاخرى، ولا عن مرجعيتها الثقافية والحضارية، ولا عن مآلاتها التخصّصية والمهنية (المتعلقة تحديدا بأهداف التنمية المستدامة والطموحات الوطنية) ولا عن ملامح الشخصية التي نريد ولا عن المناهج التي سيتم اعتمادها ولا عن الجانب المؤسسي في ادارتها ولا عن مؤشراتها الرئيسيّة لأدائها حتى يسهل تحقيقها ومتابعتها وتقييمها ولا عن الميزانية اللازمة لإنجازها، هذا ان لم تكن مواقف عامة ومرجعيات إنسانية مطلقة لم يتم الاشتغال عليها لتنزيلها بالواقع التونسي وتحدياته، فتحوّل "الإصلاح" الى زيادة وتنقيص بعض الشعب وبعض المسارات الدراسية.
- عدم التمكن من مفهوم "الإصلاح" حيث هيمن على خطاب الوزير المقال تضخيم بعض القرارات الإجرائية والتي لم تُطبَّق في مجملها، مثل تعميم اللوحات الالكترونية وتعميم وسائل النقل والغذاء للتلاميذ وإيقاف الدروس الخصوصية ومراجعة الاجازات الطبية غير المشروعة، او قرارات العُطل المدرسية والتي تبين انها مرهقة للتلميذ وللعائلة.
- نوعية الخطاب: أطنب الوزير المُقال في اعتماد خطاب متشنج وغامض وخاوٍ من محتوىً نافع في اغلب الحالات بالرغم من مساندة وسائل الاعلام له. فكانت سياسية ضيقة الرؤى اكثر من شيء آخر
لكن، من المعروف في الادبيات الاقتصادية على الأقل ان عدم استقرار الحكومات يكبّد المجموعة الوطنية ما يسمى "بتكلفة التكيف " ويؤجّل الإنجازات ويخفّض من الترتيب في مؤشرات مناخ الاعمال..
ملاحظة: هذا هو رأيي وقد نشرته منذ أشهر.