نحن في حاجة الى طبقة سياسية متصالحة

Photo

إثر الإعلان عن تعليق العمل بوثيقة قرطاج ٢ الذي زاد الوضع تعقيدا وجعل كل السيناريوهات المبنية على الهروب الى الامام مُمكنة، كنت أظن ان تكون أغلب ردود الافعال أرقى وأحكم مما يبدو …

فتثمين خطاب الشاهد مثلا، المتضمن لانزلاقات اتصالية، وحصر مصير البلد وأزماته الاقتصادية والاجتماعية في التخلي عنه، كلاهما يعبّران عن امر واحد، وهو الاستثمار في الأزمة السياسية حيث تعطلت لغة الإصلاحات واستُهلكت كل المُفردات…

والأمر الذي قدْ يزيد للطين بلّة في المدى المتوسط هو التوجه نحو التخلي عن رئيس هيئة الانتخابات، التي استقال منْهَا رئيسها السابق وتأخرت الانتخابات البلدية لأكثر من عام... والذي يمكن ان يُعتبر معطىً مُستحدثاً وورقة تُستثمر لاحقا لتوجيه مآل الانتقال برمّته..

وعدم التفاف كل الموقعين حول الاتفاق دليل على عدم اقتناع أغلبيتهم بجدواه طالما لم يتنازل هذا وذاك عن مصالحه المُملاة من استراتيجيته السياسبة…

فكل هذا لا يعني البتة مُعضلةَ البطالة وهشاشة النمو الاقتصادي وعدم استقرار الدينار وتعاظم الدين الخارجي وانحصار التصنيع وانسداد الأفق لدى شباب اليوم، الذين سيحكمون تونس غدًا…

ولست مُبالغًا حين أجزم ان هذه المشاكل الاقتصادية ذات التداعيات الاجتماعية وبالتالي السياسبة، لم تكن لتتفاقم لو تواضعت الطبقة السياسية في تعاملها مع الملف الاقتصادي، سيما وان الوضع على هشاشته لم يصل الى حدّ الخطورة التي يدّعيها البعض، فلسنا في وضع الاْردن ولا مصر ولا لبنان. لكن نحن مؤهلون لاتخاذ منحاهم لو بقي "السياسي" مهيمنا على "الاقتصادي والاجتماعي" …

فقط نحن في حاجة الى طبقة سياسية متصالحة مع ذاتها وعلى علم بأنّ النظام الديموقراطي في آخر المطاف هو جملة من القيم المُجتمعية تلتزم بها اولا النخبة السياسية وتروجها وسائل الاعلام وتُثبتها النخبة المثقفة الى ان تصبح نمط سلوك.. ، ولو فُقدت هذه القيم وأُفلتت فرصة التدارك الاقتصادي فلن يتركّز المسار الديموقراطي ولو بكل التُّرسانات القانونية وكل التوافقات…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات