وزيرٍ لا يعرف ثقافة الاستقالة والاعتراف بالتقصير

Photo

يبدو ان التصريح الذي أدلى به مدير معهد الرصد الجوي الذي حسب رأيي، مقارنةً بقضايا أخرى، أخذ من الاهتمام اكثر ممّا يستحق من مواقف "مبدئية" ومن "مشاحنات" ومن "تحاليل"، ومن "مناقشة العلاقة" بين "العِلم والمُعتَقد/الخُرافة"، الى غير ذَلِك من القضايا غير المحسوم فيها إبستمولوجيا ولا هي عاجلة ولا تُطرح في الفيسبوك.

وللإشارة فقط، انّ ما ذهب اليه (إينشتين) من انّ نواميس الطبيعة مطلقة الكمال ولا يمكن للكون ان يكون من محض الصّدفة، وحواره التاريخي مع (بوهر) الذي انتهى بقولته الشهيرة "الله لا يلعب النرد"، وافتراقهما لكي يُكرّس حياته للبحث عن "نظرية الكل"، وغيره من العلماء (مثل عالم البحار الفرنسي كوستو) الذين كانت لهم مواقف عقدية معلنة دون ان التطموا بصدّ من المجتمع الذي لم يكن بالتأكيد في أزمة متعددة الأبعاد مثل مجتمعاتنا الحالية، خير الأدلة على دور المجتمع كحاضنة للتعديل الإرادي في المواقف…

ولا اذكر هذا تعاطفا مع ولا تجريحاً في تصريح مدير المركز لكن أشير الى ان طريقة التعاطي مع ما وقع لا تعكس الاّ الاخلالات الاجتماعية التي وجب الوقوف عندها...

وظننت أنّ إطلاق مثل هذه التجاذبات بهذه الحدّة غير المُبررة كان في مصلحة الذين اختفَوْا وراءها لكي لا يتمّ الاعتذارُ لدى أهالينا في نابل لعدم اتخاذ اي اجراء احتياطي قُبيْل العاصفة، ولا التدخّل السّريع من الدولة أثناءها ولا تنظيم تيليتون واسع البث والتعبئة، ولا تجميع المنكوبين في أماكن تحميهم وتُؤطّر أطفالهم وعجائزهم حيال تداعيات الهول الذي شهدوه... وما هذه الاّ المحاور التي اعتقد انها مهمّة في هذه المناسبة و في مجتمع متوازن تقوده نخبةٌ من جنسه..

وحيث ان التصريح، جعل من وزيرٍ لا يعرف ثقافة الاستقالة والاعتراف بالتقصير في تفعيل دور الدولة، يؤكّد عبثًا أنّ الأضرار لم تكن بسبب البنية التحتية. وكأنّ كلَّ الأسباب الاخرى لتضاعف الأضرار عدى القوى الطبيعية، أي: بنية تحتية "متينة لا شائبة فساد فيها"، و"برنامج لصيانتها من أحدث ما يكون"، و"هندسة إدارة الكوارث في أوج مستوى أدائها"...كانت كلّها معزولة عن تداعيات الكارثة.

ولعلّ انتشار النقاشات الجانبية عن المشكل الأساسي على غرار الشائعات وتداولها بين عامة الناس، في غياب دور رصين من النخبة المثقفة، هو من مواصفات الأزمات الاجتماعية حيثُ المواقف الانطباعية وردود الأفعال غير المُعقلنه والخلط في المفاهيم واستعمالها بخلفية ايديولوجية او سياسية…

وكأنّ اللاّوعي الجمعي يصدع بما ولج في الصدور من خوالجَ تجاه أي حدث اهتمّت العينُ بجزء منه وتحرّكت المشاعر له قبل العقل…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات