الرأي غير المتحمّس للحوْكمة المحلية مخافةَ تشتُّت الدولة وسلطتِها ودرءًا لمخاطر الانقسام والنعرات الجهوية، يحتاج الى مراجعة.
أعتقد انّ الامر لا يُطرحُ من هذه الزاوية، إدْ لا يصحّ رفضُ الشيء وهو لم يُطرح بكلّ شروطه. فعلاوة على أنّ اللاّمركزية منصوصٌ عليها بالدستور، فإنّها ضمانٌ للتنمية المتوازنة والمنصفة بين المناطق والفئات الاجتماعية باعتبار فشل المركزية الى حدّ الان في تحقيقها والتي لازالت تُقدّم قضايا التوازن في المالية العامّة على حساب مستلزمات استراتيجيات التنمية في الجهات.
وهذا حسب بعض الادبيات يفتح المجال للشكّ في مصداقية السياسات العمومية واتهامها بالتمييز السّلبي. ومن وجهة نظرالاقتصاد المؤسّسي، الدولةُ القوية ليست بالضرورة تلك المنحصرة قراراتُها في مركزٍ أو تلك التي تفرض شرعيتها بالانفراد بالتخطيط التنموي وبإدارة مُقدّرات البلاد أو التي تبسط قوّتَها الفعليّة في اتجاهٍ مُعاكسٍ لإرادة النّاس…
بل الدولة القوية هيّ القادرة على توصيف وتحديد وبناء مؤسسات ناجعة وفعّالة، مُستقلّة في وظائفها وتخضع الى المُحاسبة من مؤسّسات أخرى، والتي تستمدّ شرعيتها من التفاف اغلب المواطنين حولها حتى ولو "انفردت بالعنف وهو من خصائصها" (ماكس فيبر).
الدولة القوية هي التي تضمن استمراريتها بالاحتكام الى دستور وقوانين وقواعد لُعبة عادِلة وشفافة. الدولة القوية هي التي يحميها مواطنوها وهي القادرة على اعتماد آليات توفّر من خلالها تلبية حاجيات المواطنين من غذاء وأمن وحقوق .
وحيث اننا مازلنا في مرحلة الانتقال، وجب بناءُ القدرات المؤسّسية، ترسيخ قيم الجمهورية الثانية ولكن كذلك عدم إهمال الاستراتيجيات التنموية…
يومكم سعيد !!!