الأمر مُعقّدٌ أكثر ممّا يبدو

Photo

أفكار تبدو في ظاهرها بديهية وترتقي الى مستوى الحقيقة الثابتة لدى البعض ولكنّها تطرح أسئلة لمْ يُحسَم فيها إحصائيا وأحيانا نظريا. وعَلِّيَ أسوقُ امثلةً منها فيما يلي للذكر لا للحصر قصد نقاشها أو على الاقل لفت الانتباه لأهميّتها، دون ادّعاء توجيه دروس لأيّ كان. الدّروس في المدارج وليست في هذا الفضاء العام والحر:

- "بَعثُ المشاريع الاستثمارية الخاصّة هو المُخلِّص من مُشكلة البطالة"، بدون الاشارة الى تكلفتها والى أنّ الهدف الأوّل للمُستثمر الخاص هو الرّبح وليس تعظيمَ عدد العمّال... فالسياسةُ التشغيلية أو التوظيفية تحتاج الى حزمة من الآليات والبرامج تتضمن الاستثمار العمومي للتهيئة على الاقل، وفيها المالي وفيها الجبائي وفيها التعليمي والتكويني، ...في نفس الوقت.

- "الشراكة مع لاتحاد الاروبي استراتيجيةٌ ولا مفرّ منها باعتبار طابعها التقليدي وانّ الميزان التجاري التونسي فائض مثلا مع فرنسا فيما يمثّل عجزا مع دول اخرى مثل الصين وتركيا وايطاليا"ٌ، بدون التفطّن الى أنّ الهدفَ من التجارة الخارجية ليس الفائض مثلما كانت تعتقدُه وجهات النظرالقديمة. بل توليد الامتيازات النسبية محلّيا ومساهمتُها في النمو المستدام، أي الآثار الدينامكية، هي التي تُعتبر المقياسَ الاهمّ في ابرام اتفاقيات التجارة بما تضْمنه من استيعاب الكفاءات والقدرات الكامنة، واستدامة الدّين الخارجي... فالتجارب والنماذج الحديثة تبرهن على دورالايرادات الرأسمالية مثلا في تحقيق ذلك، (حتى ولو كان هناك عجزتجاري)، لِما تحتويه من معرفة وتكنلوجيا ترتقي حتما بانتاجيّة العامل المحلّي والنظام الانتاجي ككل، ولكن كذلك من تنافسية حقيقية..

- "اعتبار الاستثمار في التعليم محدّدا للتنمية" بدون التفكير في استثمار مُخرجاته داخليا بإعادة النظر في الآليات والمؤسسات التي تُحافظ عليه وادماجه بإحكام في النظام الابتكاري والانتاجي…

- "مرونة نظام الصرف يمكّن من استدامة المخزون من العملة الصّعبة"، بدون الاشارة الى ما يقتضيه هذا النظام من تقليص تدخّل البنك المركزي وبدون الاشارة الى التدفقات من العُملة الصعبة من ديون أو ودائع أجنبية. أمّا عن تباطء التصدير، التفسير المُفضّل ويكاد يكون الوحيد لدى البعض في تحليل تدهور قيمة الدينار وتقلّص مخزون العملة الصعبة بدون التعرّض الى الأسباب العديدة الاخرى...فهو مُعظلة المُعظلات ومجابهتُه تخضع لرياح التجارة العالمية ومراكز نفوذ عملاقة ولكن كذلك لسياسات صناعية داخلية واستراتيجيات اقليمية، وديبلوماسية اقتصادية فعّالة ونشِطة..

- "هبوط الدينار ما هو إلا انعكاسٌ لقلة الاداء الاقتصادي"، بدون الاشارة الى الحلقة المفرغة حيث ان هبوط الدينار يؤثّر بدوره سلباً على الاداء الاقتصادي وفق بعض اللآليات المعروفة ولا يرتقي بالضرورة بالتنافسية في تونس ... فهو يُغذي كذلك المضاربات على الدّينار ويدفع نحو اتساع السوق الموازية...حتى ولو تعهّدت البنوك بالاحتفاظ بالعُملة الصعبة تحسّبا لعدم استقرار الدينا، فلمْ يردْ توفُّرُها لدى المتعاملين وفق علماءِ الاستباقات( لوكاس وسارجنت وغيرهما)، كسقفٌ للحدّ من الاستباقات أوالمضاربات

فالأمر مُعقّدٌ أكثر ممّا يبدو. على كلّ حال منذ ان تمّ اتخاذ القرار بالسماح للبنوك بالاحتفاظ بالعملة الصّعبة في عام 2012 لم يستقرّ الدينار ولم يرتفع سعرُه…

- "تحويل الديون الاجنبية الى استثمارات لا يتضمّن أي سلبيّات" ..(يحتاج الى تفصيل)

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات