ومضات على هامش الاحداث

Photo

لإنْ أصبح الاغتراب السياسي ذو الدوافع الريعية (في اخر التحليل) أهمَّ المغبات المنهجية التي سقط فيها جزء من النخب سياسيةً كانت، مثقفةً، اقتصادية أو اعلامية خلال المرحلة الانتقالية الراهنة، فإن تداعياته كضريبة التوافق تبدو غير ايجابية على الاداء الاقتصادي وتحقيق أهداف المسار الانتقالي..

تفيد بعض الاطروحات في علم الاجتماع السياسي أن النُّخب التي صنفها أحد عمالقة علم الاقتصاد الحديبث (*) على نوعين ( تلك التي تشبه الاسود من جهة والثعالب من جهة أخرى على الطريقة الماكيافيلية) والتي حددها من حيث قدراتها أو شخصيتها أو اختصاصها في البقاء في فلك الدولة أو الفعل الاجتماعي، انما هي إفراز لواقع اجتماعي لا تجتمع فيه المصالح المشتركة القوية والدائمة لدى أوسع المجموعات، بحيث يكون الفهم الجمعي للقضايا المصيرية متفاوتا أوسطحيا (**) فتقوم هذه الاخيرة بلعب دورها وفق استراتيجية كل منها في التفاعل مع الواقع والانخراط في الشأن العام.

لكن الإِشكال هو ان للتونسيين حاليا مصالحا مشتركة بديهية قوية وعميقة واتفاقا حول ضرورة: دولة قوية، كرامة، مواطنة، تنمية، وأن هذه الحالة هي فرصة للنخب ومناخ خصب للابداع والمشاركة لا يمكن أن تتاح في كل الازمان.

فهل اختارت بعض النخب تفويت هذه الفرصة من توافرالقواسم المشتركة بين التونسيين لتلعب دورا غير متنانسق مع طبيعة المرحلة والانتصار في صراعات ذات الحلبة الضيقة ؟ أم أن هذه القواسم المشتركة هي بناءٌ فكريٌّ لم تنضج مقوماته الموضوعية بعد؟ أم مازال هؤلاء في البحث عن المؤهلات اللازمة للغوص في قضايا ربما تتجاوز حاليا قدراتهم في التجريد والتجرد وفي الفعل ؟


(*) Pareto, V. (1901): ‘’The rise and fall of the elites’’. New York: Arno. Eds. 1971

(**) Higley, J. (1980): ‘’Elite Theory in Political Sociology’’. University of Texas at Austin

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات