أثار قرار حكومي بتفعيل الإقتطاع مطلع العام 2023 لفائدة منظّمات شغليّة غير الإتّحاد العام التّونسي للشّغل ارتياحا لديها، وفي الوقت ذاته أثار قلقا غير معلن لدى كبري المنظّمات العمّاليّة (الإتّحاد العامّ التّونسي للشّغل)، لأنّه ينهي احتكار التّفرّد بالسّاحة النّقابيّة وينهي تفرّدها بالإقتطاع الآلي وينهى احتكارها للإرث التّاريخي والنّضالي للزّعيم المؤسّس فرحات حشّاد.
أكثر ما يزعج قيادة الإتّحاد الحالية في هذا الإجراء ، أنّه يسوّيها، بمنظّمات، تعتبرها من دون تاريخ، وأنّ الإقتطاع سيخضع للتّحيين منذ مطلع العام 2023، بمقتضى مطلب كتابي وموثّق من كلّ راغب في الإقتطاع لمصلحة المنظّمة التي انخرط فيها ويرغب في الإقتطاع من مرتّبه لمصلحتها.
هذا الإجراء يفتح الباب عمليّا أمام تعدّديّة نقابيّة إلى حين استكمال شروط القفز عليها كما الأحزاب . وقد يكون من تداعيات هذا الإجراء، تجفيف المنابع الماليّة للإتّحاد العام التّونسي للشّغل، الآتية في جزء هامّ منها من انخراطات الأجراء والموظفين. وقد يزداد الوضع سوءا، إذا تمّ التّحويل بصفة شهريّة(كل شهر وشهرو) ودون تسبقة بحساب الأقساط. الأمر الذي، قد يدخل إرباكا على استقرار مداخيل الإتحاد وعلي تمويل أنشطته ،وقد يخسر كثيرا من منخرطيه بسبب الإجراءات الإداريّة، خاصّة في صفوف المتردّدين بين الإنسلاخ وعدمه.
في كلّ الأحوال فإنّ الإجراء الجديد للإقتطاع إن تمّ تفعيله فإنّه يصبّ حتما في مصلحة المنظّمات الجديدة،التي كانت تتسلّم معاليم الإنخراط بصفة مباشرة من المنخرط وبطريقة غير منتظمة،لذا فهي لم تخف ابتهاجها بالإجراء.
إلى حدّ الآن لم يصدر عن الإتّحاد موقف من الإجراء الجديد، ليس لأنّه، لم يربك حساباته، وليس لإيمانه بالتّعدّديّة النّقابيّة. وليس بسبب انشغاله بإنضاج مبادرته مع من يعتبرهم أشباهه.
قد تكون القيادات النّقابيّة تجاهلت الرّدّ المباشر، ولكن إلى حين.. وما تأجيل الإضراب الشّامل في النّقل وعدم إلغائه وتسريع وتيرة إعداد مبادرة الإنقاذ الشّامل كما يقولون، ليست سوى استكمال للشّروط الموضوعيّة للرّدّ على الإجراء واستتباعاته وتعبيرا عن هواجس ما بعد المسار الجديد للإقتطاع، الذي جاء له مسار، لم يتردّد الإتّحاد في تأييده.