المواقف التي تأتي بعد وقتها، لا قيمة لها، ولا تسعف صاحبها من السّقوط من أعين النّاس، ذلك هو حال أردوغان الذي صمت القبور في الأيّام الأولى ل"طوفان الأقصى". ربّما كان في تقديره أنّ المقاومة لن تصمد أمام الإحتلال سوى بضعة أيّام، وأنّ امرها منته لا محالة لصالح الإحتلال،فلم يجازف بموقف يحسب عليه ، وقد تكون تكلفته باهظة على بلاده ولن تستفيد منه المقاومة.
آثر أردوغان الصّمت وظلّت مواقفه تجاري الأحداث، مكتفيا بتنديد باهت من حين لآخر، دون أن يكون له موقف بارز. وبينما رفعت دولة جنوب إفريقيا دعوى قضائيّة ضدّ الكيان أمام محكمة العدل الدّوليّة، وعلى خطاها سارت دولة نيكاراغوا(شكوى ضدّ ألمانيا) وبينما قرّرت دول أخرى من أمريكا الّاتينيّة قطع علاقاتها مع الكيان، ظلّ أردوغان ،يحتفظ باتّفاقيات مع الكيان،حاله في ذلك، لايختلف عن المطبّعين العرب. بل إنّ مواقفه لم ترتق إلى موقف بعض القادة في الغرب.
تساءل كثيرون، أين ذلك الموقف الذي أبداه أردوغان، عندما كان رئيسا للحكومة في بلاده،عندما حدث تلاسن بينه وبين الرّئيس الإسرائيلي "شمعون بيريز" بسبب ما اعتبره جرائم حرب على غزّة؟ يومها انسحب أردوغان من مؤتمر دافوس(فيفري 2009) احتجاجا على عدم منحه الوقت الكافي للرّدّ على شمعون بيريز،وعاد أردوغان إلى بلاده ليستقبل استقبال الأبطال.
وبنفس الدّرجة من الإستغراب، يتساءل كثيرون عن الأسباب التي دفعت أردوغان إلى استقبال قادة من المقاومة بعد مرور نصف عام على الحرب على غزّة. فهل تفاجأ أردوغان بصمود المقاومة أم تفاجأ بالهزيمة القاسية لحزبه في آخر انتخابات بلدية ؟ فسعى متأخّرا إلى ترميم صورته أمام شعبه وأمام المقاومة وأمام شعوب العالم الإسلامي.