سالم لبيض، يتساءل مستنكرا :كيف يتساوى في الحوار حزبه (حركة الشْعب) بخمسة عشر مقعدا مع أحزاب صفريّة، عرض أصحابها أنفسهم على الشّعب في كلّ المحطّات الإنتخابيّة ولم يفوزوا في أيّ منها؟!
وبينما صمت عبيد البريكي وقد بدا على وجهه الإرتباك ممّا سمع، عبثا، يحاول مداراة الحرج الذي وقع فيه، بقى زهير حمدي، يقلّب بصره بين الحاضرين، يقرأ في وجوههم أثر اللّمز حتّى أنْه نسي غلق شفتيه، وقد أدرك" الثّنائي الصّفري" ، أنّهما المعنيان بلمز سالم لبيض.
دعنا من البريكي والحمدي، فهما في حزبيهما القمّة والقاعدة والهياكل وسلطة القرار.. فهما كما قيل من الأحزاب العاجزة بالإنتخاب، الطّامحة بالإنقلاب،وقد تكثّف حضورهما بوسائل الإعلام،للقدح في "العشريّة السّوداء" ،وقد كان أحدهما وزيرا فيها، بعد أن فشل في كلّ المحطّات الإنتقاليّة.
لا يختلف عنهما سالم لبيض وحزبه في المناشدة والتّأييد، بل يزيد عليهما في الوزر، لأنّه حرّض على البرلمان وعلى مسار الإنتقال الدّيمقراطيّ من داخل البرلمان وكان سيفا على البرلمان الذي يبكي اليوم على فقده ويبكي على الحال التي صار إليها، فقد أصبح يتساوى في الحضور الإعلامي وفي إمكانيّة المشاركة في حوار، اغلب الظّنّ أنّه لن يأتي، يتساوي مع من وصفهم بالصّفريين.
ما يزعج سالم ليس إلغاء المسار الدّيمقراطيّ بجرّة قلم، أكثر ما يزعجه ان يتساوى بمن لا أوزان انتخابيّة لهم، وأن يكون حزبه معدودا في الأحزاب الفاسدة، وأن لا تكون له حظوة، بعد المناشدة. مازال يأمل في مرسوم يخصّه بالمشاركة في الحوار المرتقب، دون غيره من الذين خفّت اوزانهم الإنتخابيّة أو ثقلت.
سالم نسي او هو يتناسى، أنّه سوّى نفسه بمن هم أكثر منه وزنا انتخابيّا، فقطع عليهم الطريق ببدعة حكومة الرّئيس، وهي في جوهرها، إلغاء وتحيّل على نتائج الصّندوق، ليكون له نفس الصّوت ونفس التّمثيل. ومن باب التّذكير فقد أخذ في حكومة حبيب الجملي اكثر من وزنه ولم يرض، فتآمر على إسقاطها، وما ارتوى بإسقاطها.
سالم (متاع تصحيح المسار)، خسارته خسارتان :خسر مقعده في البرلمان وقد حرّض عليه وخسر مكانة في انقلاب وقد ناشد وبارك ، كما بارك كلّ انقلاب في بلاد العرب والعجم.
ومع" تضاؤل فرص الحوار" (والكلام للمغزاوي)، ما الذي يرضيهم؟ يرضيهم من الغنيمة ان يكونوا "قوْة اقتراح" في لجنة….مهما كانت!! ومهما كان دورها!! حاتم المليكي المنشقّ عن "قلب تونس" وهو من زمرتهم ولا يختلف عنهم سوي في التّفاصيل، قطع عليهم رجاءهم بما يشبه اليقين، بأن الحوار الذي يتلاسنون من أجل الفوز بمقعد فيه، لن يأتي، لا في صورته العموديّة ولا الأفقيّة.