كبير حركة البراميل المتفجّرة، بدا في تصريحه الأخير لإحدى الإذاعات مغتاضا، وقال بأنّ "على الرّئيس أن يفهم بأنّ القوى الوطنية" موش كرّايا عندو"!تساءل البعض، إن كان في التّصريح مايفيد أنّنا إزاء نازل جديد من حافلة الإنقلاب.
بعيدا عن تقسيم التّونسيين إلى "ملّاكة وكرّاية" وهي لغة رديئة، لا يمكن أن تكون بديلا عن لغة المواطنة، لا يبدو، أنّ من شغل نفسه بالفكر الإنقلابي إلى حدّ الهوس، قد رجع إلى نفسه وقرّر العدول عني تدمير الإنتقال الدّيمقراطي، كلّ ما في الأمر أنّه مستاء لأنّه لم يجد التّكريم المناسب بعد أن قام بأدواره على أحسن وجه، لقد بذل ما في وسعه مع كتلته لترذيل المشهد البرلماني والحياة الحزبيّة، وحرّض على استخدام الفصل الثّمانين ، حتى انتهى الأمر إلى "التدابير الإستثنائيّة" وأفضي الأمر إلى تجميع السلطات بيد واحدة،
فبارك وأيّد دون تحفّظ، وظلّ طيلة مائة يوم من الإنقلاب وهو يخوض حملة تفسيريّة لإقناع البسطاء والعامّة بجدوى ما جرى. ومن فرط حماسة "مناضل القوى الوطنيّة"، أنّه رمي بنفسه على الإنقلاب، وأصبح ينطق باسمه ويسمح لنفسه دونما تكليف، أن يحدّد شروط الحوار ومع من يجب أن يكون؟ فما الذي جري حتى غيّر لهجته وقال، بأنّه و"القوي الوطنيّة"،يقصد، مؤيّدي الإنقلاب، ليسوا "كرّايا"؟
لا يبدو أن في الأمر توبة عن فكر انقلابي، ولا يبدو أنّه تصحيح على ما اعتبره سابقا، "تصحيح مسار"، غضب لا يخرج عن كونه ورقة ضغط، طمعا في المكافأة المرتقبة، ولا أقلّ من أن يكون شريكا في هندسة مشهد ما بعد 25 جويلية. لقد كانت برأيه مائة يوم كافية لتصفية خصومه، مهما كان الثّمن، إشباعا لغريزة الكراهية وضيق الفكر بالرّأي المخالف اللذين ولّدتهما عقيدة شوفينيّة وانقلابيّة.
كان لافتا للإنتباه في تصريحه الأخير تكرار عبارة"أحنا" للتّذكير بشراكته في مشهد التّعفين الذي عجّل بالإنقلاب، ولكنْه مستاء لمعاملته معاملة غير الشّريك في تقرير ما يجب أن يكون، بعد 25 جويلية.. هو،لم ينزل من "الأوتوبيس"ولن ينزل، لأنّ ذلك، مقعده الطّبيعي،الذي يجد فيه نفسه، ولكتّه يضغط من أجل الإبتزاز.