بإصرار من وهبتهم الثّورة نسائم الحرّيّة، أحيت القوى الثّوريّة، في تونس الذّكرى الثّانية عشرة لثورة الحرّيّة والكرامة في شارع الثّورة الذي بات رمزا لها وميدانا للإحتفال بها. لا يختلف على ذلك من أرّخ للثّورة بشرارة انطلاقتها او من أرّخ لها بهروب بن علي. فتلك تفاصيل ، لم تنشغل بها القوى الثّوريّة عن حقيقة الثّورة وأنّها قطعت مع عهود القمع والإستبداد.
المشهد هذا العام جاء مختلفا عن سابقه من حيث التّنوّع ومن حيث الحضور الجماهيري، رغم الحديث عن عراقيل منعت جهات كثيرة من الإلتحاق بشارع الثورة. عام ونصف على استعمال الفصل الثّمانين وإعلان التّدابير الإستثنائيّة، كانت كافية لمن ساندوا المسار بصفة مطلقة ومن ساندوا مساندة، يقولون إنّها نقديّة من أحزاب ومنظّمات، ليدركوا خطورة المضيّ في مسار يعطي الاولويّة لتطبيق مشروع ذاتي، لا يعرف له شبيه في العالم او سبق أن جرّب للحديث في إيجابياته اوسلبياته، وذلك على حساب وضع إجتماعي وإقتصادي، مازال يتأزّم يوما بعد يوم، حتى انتهى الامر إلى فقدان سلع أساسيّة ومنها "نصف الدّسم"، الذي قالت عنه قارئة الاخبار إنّه" غير نافع.. بل هو ضارّ"، لتصرفهم بفتوي مغلّفة ب"التّثقيف الصّحّي" عن رحلة البحث اليومي عن مادّة الحليب.
منظّمات مهنيّة و مدنيّة وأحزاب وتنسيقيّات حزبيّة ،رفضت ان تحشر في زوايا متفرّقة من شوارع العاصمة للتّقليل من حجم حضورها وإبراز طابع الإختلاف بينها، اجتمعت في شارع الثّورة، رغم مابينها من خلاف واختلاف، ولكنّها تلتقي في توصيف الوضع. وبينما يطرح الطّبّوبي "خياره الثّالث" تحت سقف 25 جولية، يطرح آخرون مبادرات أخرى. ومهما كان الإختلاف بينها، فلا اختلاف على رفض التّفرّد بالسّلطة ولا اختلاف على رفض نهج التّضييق على الحقوق والحرّيات ولا خلاف على رفض التّوجّهات المعادية للثّورة كما يقول زعيم حزب العمّال حمّة الهمّامي، ولا خلاف على قصور المد الشّعبوي لإخراج البلاد من ازمتها فضلا عن التّقدّم بها كما يقول امين عام المنظّمة الشّغيلة.
وحّدهم الميدان برمزياته ووحّدهم توصيف الوضع ، ولكنّ الإختلاف مازال عميقا بشأن الحل وسبيل الخروج من الأزمة.
انعدام الثّقة وتبادل التّهم والمسؤوليات بخصوص إجهاض الثورة والحياد عن اهدافها وحسابات الرّبح والخسارة، مازالت تقف حاجزا عميقا بين الجميع. وذلك مايراهن عليه من بقى مع مسار 25 جويلية.