ساد اعتقاد (كذّبته حرب الإبادة على غزّة) لدى كثير من الكتّاب والفلاسفة، المتفائلين بمستقبل الإنسانيّة، أنّ البشريّة لن تشهدة في الألفيّة الثّالثة فاشيات و مجازر كتلك التي اكتظّت بها الألفيّة الثّانية.فإذا بكلّ فظاعات التّاريخ والجغرافيا، تبعث من جديد في غزّة.
ما يحدث في غزّة ذات المساحة الصّغيرة (360لم²) وذات الكثافة السّكّانيّة العالية (ربّما الأعلى في العالم) ، لا مثيل له في التّاريخ. نعم شهد العالم أعمال إبادة و مجازر فظيعة، غير أنّه لم يحدث أن تكتّلت أقوى دول العالم حول احتلال ، جمعوه من الشّتات ثمّ زرعوه على حساب تهجير السّكّان الأصليين ولم يدّخروا وسعا لتبرير جرائمه ثمّ يبيعون الوهم للعرب والمسلمين والعالم ب"حلّ الدّولتين".ولا تسأل متى؟ وكيف؟ فتلك أسئلة لا أجوبة عليها.
منذ أكثر من ستّين يوم والعالم يشاهد على شاشات التّلفزات المذبحة تلو المذبحة ليلا نهارا ودون توقّف، ولا يفعل شيئا احتراما للطّفولة واحتراما للإنسانيّة واحتراما لحقّ الحياة. أليست هذه نهاية الإنسانيّة؟ ثمّ ماذا بقى من الإنسانيّة بعد هذا الصّمت المشين؟ هل بقى ضمير، يمكن الحديث عنه مستقبلا؟ وهل بقيت قيمة لتلك القوانين الدّوليّة والإنسانيّة؟وبأيّ وجه سيحيي العالم، هذا العام، الذّكرى الثٍامنة والسّتّين للميثاق العالمي لحقوق الإنسان؟
منتهي النّفاق ، أن يقول مسؤول أمريكي، إنّه نصح بعدم الذّهاب إلى غزّة، ثمّ يستدرك "ما من حلّ للقضاء علي "المخربين وإرجاع المخطوفين"، وهل هذا مبرّر لإبادة شعب بأكمله؟ منتهي الخداع أن يتحدّثوا عن رفضهم التّقليص في مساحة غزّة وهم يشرفون علي "التّقليص" المتوحّش في أعداد الفلسطينيين، كلّما انتهت مهلة أعطوا المحتلّ مهلة جديدة.
منتهى التّضليل أن يتحدّثوا عن حلّ الدّولتين وهو معلوم منذ عام سبعة وستّين (قرار التّقسيم) ما الذي كان يمنعهم من تطبيقه؟ منتهي الزّيف والخداع أن يعتبروا السّابع من أكتوبر سبب ما يحدث من مآس بينما جذور الصّراع تعود إلى أبعد من ذلك بكثير وبالتّالي فإن السّابع من أكتوبر نتيجة وليس سببا. منتهي الزّيف أن يعربوا عن أسف كاذب لقتل المدنيين ويحبطون في مجلس الأمن كلّ قرار، يدعو لوقف القتال...وآخر التضليل، قولهم، "إيقاف الحرب الآن، يزرع بذور حرب قادمة.