فعلها بوتين واجتاح أوكرانيا، بعد تحشيد عسكري غير مسبوق على حدود الدّولة الجارة. وبينما كان الغرب، يحذّر من غزو وشيك وواسع النّطاق ، ظلّ بوتين يراوغ ويخاتل، متّهما خصومه بالهستيريا، نافيا أن تكون له نوايا في غزو أوكرانيا.
هل تركت أوكرانيا تواجه مصيرها وحدها؟
لم تجد نفعا تحذيرات الغرب من عواقب الغزو ولم يكترث بوتين للعقوبات القاسيّة التي لوّح بها قادة غربيّون. كما لم تجد نفعا، إعادة انتشار القوّات العسكريّة للحلف الأطلسي ولا خطب المساندة للدّولة الأوكرانيّة ، وتركت أوكرانيا، تواجه مصيرها وحدها. لم يكن تدفّق الذّخيرة وحده ما تنتظره أوكرانيا من أصدقائها الغربيين ، لاشكّ أنْها كانت تتطلّع إلى أفعال تمنع الغزو والقتل.
مرارة الخذلان.
في آخر حديث مع نظرائه من القادة الغربيين، قال الرّئيس الأوكرانيّ وهو يتجرّع مرارة الخذلان :" قد تكون المرّة الأخيرة التي ترونني فيها". ليس الشّعب الأوكرانيّ وحده من تجرّع مرارة الخلان،فالخذلان من شيم الدّول العظمي، ولها معه حكايات يشهد عليها التّاريخ.
لئن خذل الغرب أوكرانيا اليوم في مواجهة غير مكافئة مع الرّوس، فقد خذل الرّوس من قبل "أصداقاءهم العرب" . لقد خذل الإتّحاد السّوفياتي وهو في أوج عظمته عبد الناصر وتركه يواجه هزيمة حزيران (حرب النّكبة) وحده ولم يدخل في مواجهة مع الصْهاينة من أجله ولا هم أمدّوه بالمعلومات الإستخباراتيّة الكافية لتوقّي الضربة او التّخفيف من آثارها . نفس الخذلان تكرّر مع نظام صدّام حسين في العراق، حيث اكتفت روسيا بخطابات الإدانة دون الدّخول في مواجهة مع أمريكا وحلفائها من أجل العراق.
قواعد اللّعبة.
يدرك "بوتين" أنّ أمريكا ومن معها لن يدخلوا في حرب مباشرة مع روسيا من أجل أوكرانيا، كما لم تدخل روسيا من قبل في حرب مباشرة مع الأمريكان وحلفائهم من أجل العراق. هذا الإتّفاق غير المعلن، شجّع ومازال يشجّع الدّول العظمي على غزو الشّعوب.