يا حسونة.. إن كنت أنت لا تحتاجها، فمن اللازم ان تتكلّم باسمك وليس باسم المتوجّعين الذين لم يجدوا سريرا في المستشفيات والمقتولين رعبا لأنّهم لم يجدوا لقاحا.
عندما استشري الوباء في إيطاليا وحالها افضل من حالنا اقتصاديّا واجتماعيّا، حتّى انّ رئس حكومتها قال في مرارة ويأس بالغين: "انتهت حلول الأرض ولم تبق سوى حلول السّماء".. جاءتها المساعدات من كلّ أنحاء العالم حتى من تونس (توجّه فريق طبّي للمساعدة"(.. لم نسمع من سياسي واحد من قال، بأنّ بلاده لا تحتاج إلى مساعدة من أحد!! لأنّ أرواح البشر عندهم مهمّة، اكثر من مصالح الأحزاب السّياسويّة...مناكفات السّياسة تنتهي عندما يتعلّق الأمر بحياة البشر.
كيفما قلبنا كلام حسونة، لا نجد فيه منطقا ولا أثرا من عقل او ضمير، سوي تجفيف منابع المساعدات حتّى يتعفّن الوضع اكثر واكثر ليثبت هو ومن كان على شاكلته أنّ الثّورة كانت خطأ وجب تصحيحه ولو بالإستثمار في الموت والأحزان..
الوباء، سينجلي عاجلا او آجلا...والمصابون بالفيروس اللّعين ،سيشفون بإذن اللّه، اما الذين أشربوا في قلوبهم الأحقاد، في اكاديميات التّجمّع ،فلا امل ولا رجاء في شفائهم... لقد تدنت الأخلاق وانحدر العقل إلى أدنى مستوى، يمكن أن يتخيّله البشر.
يا حسونة.. عيب... أنت نائب ومن تحتك "كتلة" تفضّل وجيب للموجوعين الغوث والعون، إن لم تعجبك مساعدات قطر، فمن غيرها، حتّي من العفاريت الزّرق!!
الخميس الحزين.
في يوم حزين في تاريخ الإتّحاد العامّ التّونسي للشّغل، لا يعادله حزنا إلّا يوم اغتيال مؤسّسه، الراحل فرحات حشّاد، وفي أفخم نزل بجهة القنطاوي من ولاية سوسة التي تشهد حجرا صحّيّا شاملا، يجتمع 600 مؤتمر إلى جانب مدعوّين، بقيادة "معالي الطّبّوبي" للإنقلاب على ميراث حشّاد في الحرّيّة والتّحرّر.. غير مبالين بالوضع الصّحي الكارثي وغير مبالين بالوضع الإجتماعي والإقتصادي وغير مبالين بقرار المحكمة وغير مبالين بالأصوات الرّافضة للمساس بالفصل العشرين وغير مبالين بإماكنيّة تحوّل مكان المؤتمر إلى بؤرة وبائيّة ... لقد سدّوا آذانهم بالعجين والطّين.. يقول سامي الطّاهري: لقد وفّرنا 3000 تحليل سريع وطاقم طبّي وسيّارات إسعاف وغرفة لكل مؤتمر... تخيّلوا 600 غرفة.. ولكم أن تخيّلوا حجم الإنفاق... على وقع كارثة اجتماعية واقتصاديّة وحالة وبائيّة، تسجّل في كلّ يوم رقما قياسيّا في الوفيّات وفي الإصابات.
ولست أدري هل يتوفّر نزل ما في تونس على هذا العدد من الغرف؟ كلّ هذا من أجل ماذا؟ من أجل شهوة التّمديد التي استبدّت بفئة أقلّويّة على عقد المؤتمر الحزين، في يوم أكثر حزنا من أجل أنفسهم ومصالحهم، ولا مصلحة للأجراء والكادحين في أكبر مذبحة للدّيمقراطيّة في تاريخ منظّمة حشّاد.
وفي أعقاب المؤتمر سيتبادلون التّهاني بنجاح مؤتمرهم مع"مراعاة" قواعد البروتوكول الصّحّي في زمن الوباء وسيهتفون بأعلى أصواتهم "عاش... عاش... الإتّحاد.. أقوى قوّة في البلاد".
الأمين العام.. ترك كلّ الظّروف والملابسات الحزينة التي حفّت بانطلاق أشغال بدعة المؤتمر الإستثنائي غير الإنتخابي.. وترك جانبا ما حفّ بالمؤتمر من هدر لمال منتزع من عرق الأجراء والموظّفين... كلّ ذلك لا يعنيه...هو منشغل فقط بمن سمّاهم كريشان " هاك الواقفين في الدورة للإتّحاد"!!
رسائل سلبيّة وبالغة السّوء تصلنا من أفخم فندق يشهد مؤتمر أكبر منظّمة شغليّة، معنيّة بالدّفاع عن مصالح الأجراء والكادحين والفقراء وفي واقع أخطر موجة لتفشّي الوباء:
1/أنّهم فوق الدّولة وفوق القانون وفوق القضاء : سامي الطّاهري مسرور بترخيص وزير الصّحّة لأنّه جاء على هواه ولا يعنيه قرار المحكمة... ما هذا الإصرار العجيب على عقد المؤتمر في ظروف بالغة السّوء؟! ليس مستغربا أن يعدّوا ذلك من أجل "ترميم القدرة الشّرائيّة للشّغّالين"!!
2/ أنّهم فوق قواعد الدّيمقراطيّة، وحدهم، يحقّ لهم خرقها متى شاؤوا (حتّى في ظروف الحجر الصّحّي وفي سياق التّحوّل الديمقراطي) وكيفما شاؤوا (حتّى بالإنقلاب على الفصل 20).
3/مسألة الدّفاع عن الحرّيات الفرديّة والعامّة والدّفاع عن الأجراء والشّغّالين وشعارات الحداثة والدّيمقراطيّة، لا قيمة لها أمام مصالح الأفراد الذين تعلّقت شهوتهم بالتّمديد، لحسابات تتعلّق بهم ولا علاقة لها بمصالح الطّبقة البروليتاريّة التي اتّخذوا منها أصلا تجاريّا.
4/ فتح الباب امام كل المحاولات لخرق كلّ قاعدة ديمقراطيّة في الدّولة وفتح الباب أمام صراع الأضداد والإرادات ليكون البقاء للأقوى.