قرّرت روسيا ذات يوم من شهر فبراير من العام 2022 شنّ حملة عسكريّة على جارتها الشّقيقة في الدّين والتّاريخ والجغرافيا لأسباب مهما اجتهد المحلّلون في الوقوف عندها، فتبقى حقيقتها عند "اولاد العمّ" وحدهم. ثمّ ماذا حدث بعد ذلك؟
من بعيد هبّ الأمريكان ومعهم حلفاؤهم من أروبا لنصرة أبناء عمّ لهم من أروبا(أوكرانيا) لتحطيم أبناء عمّ لهم وهم من أروبا أيضا(روسيا بوتين). هي حرب ضارية بلا شكّ في ضحاياها وفي ابعادها وتداعياتها وخاصّة على الشعوب الفقيرة. وليس لهؤلاء في الحرب ناقة والأجمل، ورغم ذلك سيدفعون أثمانا باهظة ،مزيدا من الفقر و مزيدا من التّعيّة.
ستضع الحرب يوما ما أوزارها، وعند نقطة معيّنة سيتوقّف أبناء العمّ عن الإقتال، كما حدث في حروبهم السّابقة وسيبدؤون عهدا جديدا. لن يسمحوا للحرب بأن تلتهم حضارتهم لتأتي حضارة جديدة،تزحزحهم عن قيادة العالم والسّيطرة عليه سلما وحربا. لا يشغلهم عنها خلاف واختلاف ولا حرب، الإنشغال بالمستقبل أجلّ من تقليب صفحات الماضي وإن كانت دامية ومؤلمة.
ماذا عن العرب؟ هل سيستخلصون الدّرس ويتخلّون عن منطقهم الأهوج ويلتفتون إلى أمنهم الغذائي؟ لقد كشفت الحرب أنّهم عالة على غيرهم في رغيف خبزهم ودوائهم فضلا عن منتجات الحضارة التي يستوردونها. وقد فاقمت الحرب من تكلفة ذلك كلّه.
انشغلوا بحروبهم الأهليّة، والبينيّة، والباردة، والسّاخنة. وهم منقسمون بالتّبعيّة لهذا الحلف او ذاك على حساب أمن شعوبهم. منطق أهوج تسرّب من حكّام غير منتخبين إلى النّخب والعامّة. تغرق النّخب في التّبرير لهذا الحلف أو ذاك والإنتصار له أكثر من أصحاب الحرب أنفسهم، وما يدري هؤلاء أنّهم في قلب رحى ترتيبات عالميّة جديدة، ستفاقم من عجزهم وبؤسهم، إن لم يتخلّوا عن منطقهم الأهوج وسلوكهم الارعن.