محكمة العدل الدولية : ولكن

بعد اصدار محكمة العدل الدولية قرارها بخصوص الحرب في غزة ، أود التوقف عند الملاحظات التالية:

أولا: نص القرار على وقف القوات الاسرائيلية عملياتها العسكرية في رفح فورا: ومع ايجابية هذا القرار ،فان لدي تساؤل محدد: لماذا حصر القرار وقف القتال في رفح تحديدا مع أن كل قطاع غزة مدنا وأريافا يتعرض للهجوم العسكري وبكافة الاسلحة وبذات المستوى من العنف؟ إن القرار بهذه الصيغة وكأنه يخرج بقية القطاع من قرار الادانة وكأنه يضفي قدرا من الشرعية على تلك العمليات في غير رفح ..فلماذا؟

ثانيا: دعوة رئيس المحكمة الى اطلاق سراح الرهائن الاسرائيليين فورا ودون شروط، دون اية اشارة لا من قريب ولا من بعيد لآلاف المعتقلين الفلسطينيين وبخاصة من تم اعتقالهم بعد نشوب القتال، فلماذا يعد الاسرائيلي رهينة يجب اطلاق سراحه فورا ودون شروط بينما المعتقل الفلسطيني المعذب والجائع والمجروح لا يشار له بأي شكل من الاشكال؟

ثالثا: ها هي التصريحات الاسرائيلية تتوالى برفض القرار، وها هم وزراء نيتنياهو يعودون للتحريض وتحديدا لاحتلال رفح التي يطالب قرار المحكمة بوقف القتال فيها فورا، وهو ما يستوجب على المحكمة الجنائية الدولية( الجهة القضائية الدولية المختصة بالأفراد) ان تدرج اسماء هؤلاء الوزراء ضمن قائمة المطلوب القاء القبض عليهم لانهم يحرضون وبشكل صريح على "الابادة الجماعية"، وإلا ما معنى تصريح وزراء اسرائيليين بالقول" ان الرد على محكمة العدل هو "احتلال رفح".

رابعا: يطالب القرار بفتح الحدود لعبور المساعدات والسماح للجان التحقيق بالتحرك بحرية، وهو امر يعطي غطاء شرعي لمصر لاتخاذ اجراءات لفتح الحدود مع غزة استنادا لقرار المحكمة الملزم لكل دولة عضو في المحكمة، وان هذا القرار يفتح الباب امام مصر لاتخاذ اجراءات فعلية لتسهيل دخول المساعدات.

ورغم قناعتي التامة ان مصر اكثر حرصا من اسرائيل على خنق المقاومة الفلسطينية ، لكن القرار يكشف فوق ما هو مكشوف عن شبكة تآمر انظمة سياسية عربية واسلامية وغربية على الفلسطينيين ، لذا فان مصر ستحاول استثمار القرار لطلب المزيد من القروض والمساعدات مقابل "اختلاق حجج لابقاء غزة تحت الحصار".

خامسا: من الارجح تماما ان اسرائيل لن تستجيب للقرار، وخاصة ان مدة شهر التي نص عليها القرار لتقديم تقريرها للخطوات التي "ستتخذها" تثير الشكوك بين عبارة شهر وعبارة فورا ، ان العبارة الخاصة بمدة الشهر يمكن النفاد منها للتلاعب بمضمون القرار الخاص بالوقف الفوري، ومع انه من المفروض ان يتم نقل القرار الى مجلس الامن لإلزام اسرائيل بالتنفيذ، لكن اسرائيل مطمئنة للفيتو الامريكي لتعطيل التنفيذ…

لمواجهة ذلك على الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل ان تستثمر قرار المحكمة الدولية بأن تتداعى لقمة يتم فيها النص على " قطع العلاقات كاملة مع اسرائيل إذا لم يتم تنفيذ قرار المحكمة أو تعطيل اي قرار في مجلس الامن الدولي بضرورة التنفيذ"، واعلم ان دول التطبيع كلها ودون استثناء ستعود لترسانة الادانة والشجب وبقوات يقودها الفرزدق وجرير…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات