المدججون بالسلاح والشجب

يكشف التقرير الاخير لمعهد سيبري(SIPRI) الأشهر بين مراكز الدراسات في متابعة النفقات الدفاعية في كل دول العالم عن أن 75% من مبيعات السلاح في العالم تتقاسمها خمس دول هي الولايات المتحدة تليها فرنسا ثم روسيا والصين وألمانيا، وارتفع نصيب الدول الغربية من هذه التجارة خلال الخمس سنوات الاخيرة الى 72% من مبيعات السلاح مقارنة ب 62% خلال الفترة 2014-2018، وكان نصيب الولايات المتحدة 42% منها بزيادة 17% عن الفترة الاولى.

ولكن اين اتجهت اغلب مبيعات السلاح الامريكي؟ انها الى الشرق الاوسط وبنصيب 38% من اجمالي مبيعات السلاح الامريكي، وتوزعت هذه النسبة في معظمها على اربع دول هي:

• السعودية: 15%

• قطر 8.2%

• الكويت 4.5%

• اسرائيل 3.6%

• وتوزع الباقي حوالي 6.7% على بقية دول المنطقة العربية.

اما فرنسا ، فذهب 34% من مبيعاتها العسكرية الى دول الشرق الاوسط، وذهب 39% من المبيعات الالمانية للشرق الاوسط ، بينما توجه 13% من المبيعات الروسية الى المنطقة العربية( نظرا لتداعيات الحرب الأوكرانية)، بينما كانت الجزائر هي الدولة الاعلى في استيراد السلاح الصيني على محدوديته للمنطقة( اقل من 3%).

فإذا نظرنا لمبيعات السلاح الكلية ( هناك 66 دولة تبيع اسلحة)، نجد ان منطقتنا العربية التهمت 30% من مبيعات السلاح العالمي خلال الفترة من 2019-2023.

ومن بين 170 دولة ، تحتل 3 دول عربية المراتب التالية في معدل شراء السلاح : السعودية المرتبة الثانية عالميا، قطر المرتبة الثالثة ثم مصر المرتبة السابعة، وفي العشر دول التالية تأتي الكويت في المرتبة 12 ثم الامارات في المرتبة 14 بينما تقع اسرائيل في المرتبة 15 أما الدول بين عشرين وثلاثين فجاءت الجزائر في المرتبة 21 ثم المغرب في المرتبة 29.

فلو تمعنا في نسبة الانفاق الدفاعي من اجمالي الناتج المحلي نجد ان من بين اعلى عشر دول في العالم هناك 4 دولة عربية ، ويصل اجمالي الانفاق العربي الى حوالي 164 مليار دولار اي ما يعادل ستة اضعاف ما تنفقه اسرائيل ، وما يعادل 6.7% من اجمالي الانفاق العالمي.

رغم كل ذلك...ليس هناك اية قيمة ميدانية لكل هذه النفقات ، وفشلت كل هذه الدول في صد اي عمل عسكري ضدها سواء من طرف عربي او غير عربي بل ان أعلى معدل عدم استقرار واعلى معدل استبداد شاخصان وبقوة في هذه المنطقة .

بالمقابل ، فقد اتسمت السياسة العربية تجاه طوفان الاقصى بما يلي:

1- لم تجرؤ اية دولة عربية على اتخاذ اي اجراء عسكري(لا شن هجمات ولا السماح بدخول متطوعين او السماح بتهريب السلاح ) ولا اي اجراء اقتصادي( بل اتجه هذا الجانب نحو اسرائيل وارتفع حجم التجارة الاسرائيلية مع اغلب دول التطبيع) واقتصر الدور العربي الرسمي على "بيانات الشجب والإدانة والاسف والاستنكار وبشكل يغلب عليه "دبلوماسية رفع العتب" من ناحية او دبلوماسية "الدفاع المدني" بتقديم مساعدات طبية لا تتوازى مع حجم الضحايا والدمار بشهادة كافة المنظمات الدولية الحكومة وغير الحكومية من ناحية ثانية ، اما سياسيا فما يجري وراء "حجاب" لا يتجاوز الرغبة في التخلص من المقاومة الفلسطينية وإعادة سلطة التنسيق الامني الى غزة ،وهو ما كشفته خطابات ونشاطات رئيسها.

2- لقد اقتصر الرد العربي الفعلي على اطراف محور المقاومة، وقد الحق هذا الرد خسائر بشرية اسرائيلية( تقارب اكثر من 18 الف قتيل وجريح مدني وعسكري) وخسائر اقتصادية قاربت 70 مليار دولار حتى امس، ناهيك عن شبه شلل في تجارتها البحرية ونضوب المورد السياحي وتباطؤ كبير في الهجرة القادمة وتسارع في الهجرة المغادرة، اما على الصعيد الدبلوماسي والاعلامي ،فان المكانة الاسرائيلية تتآكل بشكل لا جدال فيه، وقدرت بعض الدراسات ان التشقق في البنية المجتمعية والتنازع السياسي ومستويات عدم الاستقرار هي الأعلى حاليا في اسرائيل منذ انشاء الكيان الصهيوني.

3- لنتخيل لو ان من يَعِدْ اسرائيل ببناء هيكل محل الاقصى هو وزير في دولة لا ترضى عنها الولايات المتحدة، او ان الهجوم على غزة جاء من دولة على غير وفاق مع الولايات المتحدة…لو كان الامر كذلك لرأيتم نداءات الجهاد وفتح مراكز التطوع وانشاء صناديق الدعم ..أليس هذا ما جرى في افغانستان…لذا لتفهم السياسات العربية عليك ان تتبع أثار القدم الامريكية ،فالأنظمة العربية لديها خبرة طويلة في "قص الاثر" او القيافة...فاتبع الاثر الامريكي ستجد القادة العرب ينتظرونك في نهاية الدرب...والسبب الرئيسي هي ان مصلحة النظام تعلو على مصلحة الدولة والمجتمع بل والاقليم كله.

لقد اوضحت حرب غزة أن الدول العربية هي " مضارب " او اقطاعيات تشكل الكراهية والمكايدات السياسية والنخبوية المريضة ابرز ملامحها ، فلا هي مع الإرث التاريخي، ولا هي صالحة لمقارعة ملابسات الواقع المعيش ، ولا يشكل المستقبل اي هاجس لها ، فالنائم ليس له زمن والعِنّيْنُ لا ينجب.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات