إلى وائل الدّحدوح:

بلغني أنّك قطعت زيارتك لتونس وعدت إلى الدّوحة بطلب من أطبّائك المعالجين دون أن تنهيَ برنامج حضورك إلى "حارقة الأكباد" المسطّر مسبقا. ولقد وددتُ بالمناسبة أن أوجّه إليك ما يلي:

تمنّياتي الصّادقة لك بالشّفاء العاجل إنسانا وصحفيّا ذبح على معبد غزّة المقدّس أفراد أسرته قرابين أضاف إليهم صحّة بدنه مقدّما درسا في الاحترافيّة المهنيّة والإيمان العميق بقضيّة أرض وشعب مضطهديْن شديدا…

نزلت أهلا، خلال ما أقمته بيننا من أيّام وليال قليلة، ونزلت سهلا، وإن كان كثير من زملاء مهنتك قد نافقوك ونافقوا قناتك المشغِّلة التي ما إن انقضت انتخاباتنا الأولى بعد الانتفاض حتّى سمّوْها "الخنزيرة"، ونعتوا ثورة "الرّبيع العربيّ" بالعِبريّ" هم وحمَلة فكرهم وذوو وجهتهم السّياسيّة مادامت هذه الانتخابات لم ترقّهم إلى حيث كان مشغّلوهم، ولم تواصل ضمان "مْصالحهم" (جمع مْصلْحة بدارجة تونس) ومَكانسهم!

هل أُخِذت إلى مَنسَك "بار الصّحفيّ" في عمارة متهالكة في شارع بورڨيبة الذي كان يحجّ إليه جزء كبير من أهل "الصّحافة" وأهل "الفنّ" من مغنٍّ وممثّل ومخرج وكاتب سيناريو(مع استثناء من وجب استثناؤه) و.. يتزوّدون بالوقود المادّيّ والمعنويَّ؟! هل أُخذتَ إليه مَعلَما تاريخيّا قُرعت فيه الكؤوس قرعًا من أجل القضيّة الفلسطينيّة سيّدة القضايا ؟

لماذا لم تستأذن أطبّاءك في الدّوحة لتحجّ ولو ساعات إلى "سيدي بوزيت" (التّسمية للباجي قائد السّيسي الذي ما إن جيء به من "ڨاع الخابية" إلى قصر قرطاج حتّى أخذ أشجع المتثورجين وضع "إلى الوراء دُر.. والكفاح الثّوريّ لا يستمر" لأنّه عارف بالتّاريخ والجغرافيا)، فهذه المدينة المسمّاة "مهد الثّورة" )تغنّى بهذه العبارة المتغنّون قبل أن يُضغط على زرّ التّحكّم فيهم من بعيد أنْ كُفّوا عنها، فلا ثورةَ ولا ثورَ، ولا صوت يعلو فوق ما سبق، والقديمُ أمتنُ وأصلَح للبلاد والعباد!). إحقاقا للحقّ، يا دحدوح، لقد ظلّ "رجال الجهة" "الأشاوس" على وفائهم يقيمون لها مهرجانات حافلة تحت إشراف ولّاة هذا الرّئيس المعتّق ومعتمديه وبِدعمهم المادّيّ والمعنويَّ قبل أن تنقطع فجأة لأسباب أجهلها (لو كنت أعرفها لأفدتك بها أخي وائل)؟

كنت أتمنّى أن تتريّث قليلا لتُراكم بلقاء هؤلاء (مازالوا أحياء يُرزقون يواصلون تعليمنا الوطنيّة والمدنيّة والحداثة والبيع المشروط جازاهم الله عنّا كلّ خير!)مخزونَ عِزّك وشرفك وسؤددك، وليوقفوك عند "البرويطة" التي وضعوا لها نُصبا تذكاريّا في سُويْحة من سُويْحات "المدينة الثّائرة" حتّى إذا كتب الله لك العودة إلى غزّة ألهمتَ أهلَها معانيَها السّامية ودلالاتها الغزيرة ومعاناةَ هؤلاء "الصّناديد" "المبدعين" الأوفياء" "الأنقياء" الذين ما يزالون يدفعونها بسواعدهم المنهكة في اتّجاه الوضع المشار إليه في موضع سابق من هذا النُّصيْص (إلى الوراء دُر...).

نسيتُ أن أذكّرك أنّه كان يمكن أن تجدهم يحتفظون ببعضٍ من الحجارة التي رشقوا بها الرّؤساء الثّلاثة يُناولونك واحدة منها تتّخذها صعيدا طيّبا لصلاتك فذّا لأنّهم لا يقيمون معك جماعة إذ هم أهل حداثة وتقدّم وأنت رجعيّ ماضويّ سلفيّ لا يحتاجونك إلّا لشحن بطاريّات التّثورج "المببيّلة"!

كان عليك، رغم ظروفك المذكورة سابقا، أن تتذكّرأنّ "الحجّ عرفة" يا دحدوح "البحبوح" ؟! غفر الله لك ولأطبّائك.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات