جملةٌ موجّهة إلى طبيبٍ في ما بقي من ثُمالة مستشفيات القاطع تغادر قلبَ أبٍ غزّاويّ قبل شفتيْه وبعدها وهو يحمل حذاء ابنه الذي ارتقى شهيداً في حرب الإبادة الصّهيونيّة المزكّاة دوليّا وعربيّا.
مشهدٌ له من أمثاله آلافٌ تَشيب له ولها الأجنّة في بطون أمّهاتها.
مشهدٌ يفضح ما وصلت إليه إنسانيّة الرّقيّ المادّيّ والهبوط الأخلاقيّ من تردٍّ وسفالة ونذالة وصفاقة إذا استثنينا أولئك الذين يواصلون بما أوتوا من "أضعف الإيمان" احتجاجاتهم يهزّون بها حكوماتهم وبرلماناتهم المنبطحة للّوبي الصّهيونيّ الذي أحكم كأخطبوط عملاق أصابعه الطّويلة منذ زمان على أصحاب القرار في الغرب والشّرق بالتّرغيب والتّرهيب والفعل المباشر في الانتخابات والتّصعيد إلى كرسيّ السّلطة المستعذَبة هنا وهناك.
كفكفْ دموعك أخانا، وهدّئ من روْعك، واسترجع خالقك وخالق فتاك، ففي غَزّتك الاستثنائيّة بواسلُ يتسابقون نحو الشّهادة يفعلون في جيش العدوّ الذي هزم جيوشا عربيّة عديدة مديدة في ستّ ساعات لا أكثر ما يُثلج الصّدور ويمسح الدّموع وينتقم لك ولغيرك من المظلومين المنكوبين الواقعين وعوائلَهم وبيوتَهم في مرمى عسكر جبان شاذّ بكلّ معاني الشّذوذ كلّما أوجعه المجاهدون الحفاة صبّ جام غضبه على الأطفال والنّساء والشّيوخ بقصف محموم أعمى لا يحسب وزنا للأعراف والمواثيق الدّوليّة.
اربطْ جأشَك أخي، ولا يَشرئبّنّ عنُقك وأعناقُ إخوتك المكلومين إلى غير إلاه الكون تسأله أن يُلهمكم الصّبر والثّبات، وأن يسدّد رميَ مقاوميكم خرّيجي مدارس القسّام وأحمد ياسين والرّنتيسي ذات البرامج المحلّيّة المحبوكة المسبوكة المؤسَّسة على تعاليم القرآن الكريم الذي مَن اعتصم به لم يَذلَّ ولم يُذلَّ…
حُكّامُ عُرْبُك، يا صاحبي، باعوكم منذ زمان في سوق نخاستهم وأنتم الشّرفاء. الدّول الغربيّة المتشدّقة بحقوق الإنسان وحماية الطّفولة تعرّت عوراتُها على آخرها ببركات طوفان الأقصى فسقطت تماثيل شمعها وتهاوت. الشّعوبُ العربيّة التي حملتْكم عن طريق منظّماتها وجمعيّاتها المخادعة المتربِّحة من دمائكم وأشلائكم شالًا وصُورًا في الملتقيات الكاذبة الواقعة تحت الأضواء، وطرّز شعراؤها قصائد المديح المتحايل في مآسيكم القديمة والجديدة، شعوبٌ عشقت عِصيَّ حكّامها و"كرباجَها" فعاشت دهرَها "يُجمّعها الطّبل وتُفرّقها العصا" في سجونها الضّيّقة والواسعة.
تيقّن، أنّكم وحدكم، بصبر مدنيّيكم والتفافهم رغم المآسي حول المقاومة، وببسالة "عسكريّيكم" المتسابقين إلى الشّهادة ("باللّه خلّيها عليّا هاذي المرّة"، تذكرها ؟) الخائضين معركتكم المقدّسة الأخيرة هذه بإعداد واستعداد غير مسبوقيْن، ستصنعون فجركم الوليد عاجلا غير آجل. ولْيخسإِ الخاسئون شرقا وغربا.