في حادثة ليست جديدة من نوعها تصلنا روايتان: الأولى من المعهد تقول إنّ قاضيا انتهك حرمة المؤسّسة بدخولها بل وبدخول مجلس التّأديب المنعقد للنّظر في محاولة غشّ أو غشّ ابنته التّلميذة (لستُ أدري)، وتهديده الحضورَ بالاقتصاص منهم وما إلى ذلك أشياء أخرى…
إن صحّت الرّواية فللمؤسّسة التّربويّة ولكلّ العاملين فيها حرمتها وحرمتهم وقوانين تحميها وتحميهم، كما تحمي غيرهم منهم بطبيعة الحال، و("لا واحد فوق راسو ريشة")، والقاضي لابدّ أن يتصرّف بصفته وليّا وفي إطار القانون المنظّم بعيدا عن صفته، فالأولياء مختلفو الصّفات والمراكز الاجتماعيّة والمهنيّة، وما على المدرسة إلّا التّصرّفُ مع الجميع بنفس الدّرجة وعلى قدم المساواة، وما على جميع الأولياء إلّا أن يتصرّفوا معها بما يمليه القانون المنظِّم أيّا كانت مواقعهم…
والثّانية مصادر تقول إنّ من دُعوا إلى قاضي حماية الطّفولة من مدير وقيّمين عامّين وأساتذة أعضاء المجلس يستحقّون ذلك لما شاب المسألة من خروقات لقانون العمل (مراسلات لم تصدر في الغرض الوليّ أو الأولياء، ورقة الامتحان المتّهم بالغشّ لم يتمّ حجزها...).
إن صحّت هذه الرّواية الثّانية فقد وضع الجماعة أنفسهم تحت طائلة القانون بجهلهم بأبجديّات العمل الإداريّ. وإنّي لا أستغرب ذلك في ظلّ واقع يصل فيه هؤلاء في كلّ مؤسّسة تربويّة إلى مواقعهم بضربة صولجان نقابيّة محكومة بالولاء والالتزام بالطّاعة وبعيدا عن التّكوّن والتّكوين اللّازم في الغرض من أجل مجابهة مثل هذه الوضعيّات بما يحميهم ويُدين غيرهم…
أذكر في هذا السّياق، خلال العشريّة المسمّاة سوداء (أبيضُ ما قبلها وما بعدها) أنّ صديقا لي تقدّم بمطلب لإدارة مؤسّسة تربويّة إعداديّة أو ثانويّة فدُعي إلى المثول أمام لجنة للمحادثة، واللّجان المعنيّة خلال هذه الفترة الخالدة بما "يُسردك" فيها ممثّل النّقابة الذي كثيرا ما لا تعنيه مسألة الإلمام بقوانين الخطّة المرغوبة بقدر ما تعنيه سطوة رفاقه في كلّ جهة ونفوذهم على المديرين والقيّمين العامّين وغيرهم... مضر صديقي أمام اللّحظة العارفة بواسطة تقارير مكتوبة وشفويّة المحادثة شبه يائس من الوصول إل ميل رضا المجموع. سأله حضرة النّقابيّ: " كيفاش تعملْ إذا جاكْ نقابي شَرسْ؟"، فأجاب دون تفكير: " نقلّو"شِرّْ" ههههه
طبعا مازل صديقي يمارس مهنة التّدريس الأقلّ عرضة ل"يجيك البلاء يا غافلْ" على حدّ عبارة المثل الشّعبيّ التّونسيَّ... وسكَت نقابيّو السّاعة الخامسة والعشرين أو "اركبْ لا تْمنّكْ" سكوت أهل القبور !